مدرسة النصر وادي العلايق. البليدة
مدرسة النصر وادي العلايق. البليدة
مدرسة النصر وادي العلايق. البليدة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مدرسة النصر وادي العلايق. البليدة

سر النجاح
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخولحروف المعاني صور شخصيةمواضيع مختلفة

 

 حروف المعاني

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد المالك عبد القادر
Admin



المساهمات : 416
تاريخ التسجيل : 01/03/2013
العمر : 60
الموقع : https://benchicao.forumalgerie.net

حروف المعاني Empty
مُساهمةموضوع: حروف المعاني   حروف المعاني Emptyالخميس يوليو 11, 2013 8:26 pm

حروف المعاني

حروف المعاني وأقسامها :
تعريف الحرف ، وسبب تسميته :
تقسيم الحروف من حيث عملها :
الحروف العاملة . الحروف غير العاملة .
تقسيم الحروف العاملة إلى :
حروف عاملة في الجر . حروف عاملة في النصب .
حروف عاملة في الرفع . حروف عاملة في الجزم .
تقسيم الحروف من حيث مكانها في الكلام :
حروف تأتي قبل الاسم . حروف تأتي قبل الفعل . حروف تأتي قبل الاسم والفعل .

تعريف الحرف ، وسبب تسميته :
توطئة :
تعرض أكثر النحويين قديمهم وحديثهم لتعريف الحرف ، كما عرفوا الاسم والفعل ، ولم يلحق تعرفهم لهما خلاف في الرأي ، أما الحرف فلم يكن حظه من توافق الآراء مواتيا كما كان تقسيمه ، بل كان وما يزال محور خلاف النحويين ، ونحن في هذا الكتاب وحسب ما رسمنا لأنفسنا من منهج قررنا ألا نتعرض لخلافات النحويين حول مسألة من المسائل ، بل نأخذ بأيسر الأمور ، وأكثرها توافقا مع جمهور النحويين ، وكنا رأينا في هذا الباب ، ومن أجل زيادة المنفعة أن نتعرض لآراء كل من الفريقين في تعريف الحروف وتحليلها والتعليق عليها ، واستنتاج ما يمكن استنتاجه من هذه الآراء ، والتقريب بين وجهات النظر ، لعلنا نستطيع أن نصل إلى ما يرضي الدارس ، ويقنعه دون أن يبقى موزع الذهن بين موافق ، ومعارض ، فإن أصبت فيما صبوت إليه فذلك من فضل الله ، وإن جانبني الصواب يكون مما دفعتني إليه بصيرتي ، وأطلب العفو من الله ، وأن يهدينا إلى الصواب .
قبل أن نتعرض لآراء النحويين نود أن نعرض جملة من التعريفات المختلفة ذكرها صاحب كتاب إصلاح الخلل الواقع في كتاب الجمل للزجاجي ، ورد عليها .
يقول البطليوسي في مسألة عن الحرف ، قال أبو القاسم الزجاجي :
" والحرف ما دل على معنى في غيره ، نحو : من ، وإلى ، وثم ، وما أشبه ذلك " .
وقد خطّأ البطليوسي أبا القاسم الزجاجي في هذا التعريف ، لأنه تعريفا ناقصا ، ولا تستقيم صحته حتى يزاد فيه " ولم يكن أحد جزأي الجملة المفيدة " أي : ما لم يكن خبرا ، ولا مخبرا عنه .
ثم قال : وعرفه سيبويه بقوله : " ما جاء لمعنى ليس باسم ، ولا فعل " .
وعلق البطليوسي على تعريف سيبويه ، بأنه أتم التعريفات فائدة ، ولو يدخله الخلل .
وتعرض البطليوسي لجملة من التعريفات ، ورد عليها ، فقال : لقد عرف الأخفش الحرف بقوله : الحرف ما لم يحسن له الفعل ، ولا الصفة ، ولا التثنية ، ولا الجمع ، ولم يجز أن يتصرف " . ثم علق على هذا التعريف بقوله : إنه خطأ ، لأن الفعل داخل في هذا التحديد ، فمن الأفعال ما لا يتصرف : نعم ، بئس ، وعسى ، وكذلك أسماء الأفعال : صه ، ومه ، وغيرها .
وأورد تعريف المبرد للحرف فقال قال أبو العباس المبرد : " الحرف ما كان موصلا الفعل إلى اسم ، أو عاطفا ، أو تابعا لتحدث به معرفة ، أو كان عاملا " .
وعلقق عليه البطليوسي بقوله : إنه فاسد أيضا ، لأن الحرف ما تأتى لمعنى الاستفهام ، ولمعنى الاستثناء ، ولمعنى النفي ، ولمعنى القسم ، والتمني ، والنهي ، وغير ذلك . ثم استعرض تعريف أبي إسحاق الزجاج للحرف فقال : قال أبو إسحاق الزجاج :
" الحرف ما لم يكن صفة لذاته ، وكان صفة لما تحته " .
نحو : مررت برجل فاضل ، ففاضل صفة لذاته .
ونحو : مررت برجل في الدار ، فقولك في الدار صفة لما تحته لا لذاته .
ورد عليه البطليوسي قائلا : إن أبا إسحق قصد بالصفة المعنوية ، لا اللفظية ، والفعل يشترك مع الحرف في هذا المعنى .
فإذا قلت : مررت برجل يضرب زيدا .
فـ " يضرب " صفة معنوية ، لا لفظية ، وكذلك الجمل الخبرية تكون صفات بمعانيها ، لا بألفاظها .
ثم استعرض تعريف أبي نصر الفارابي للحرف ، فقال : قال الفارابي في تحديد الحرف : " الأداء لفظ يدل على معنى مفرد لا يمكن أن يفهم بنفسه " .
وعلق البطليوسي عليه بقوله : لقد حده دون أن يقرن باسم ، أو كلمة ، وهذا تحديد صحيح ، وشبهه بتعريف سيبويه السابق ، وبتعريفه نفسه (1) .
كانت تلك جملة من التعريفات التي استعرضها البطليوسي في كتابه إصلاح الخلل الواقع في كتاب الجمل للزجاجي ، وتقويمه لها ورده عليها . ومن خلال استعراضنا السريع لما ذكره البطليوسي ، لم نقف فيه على جديد في تعريف الحرف ، أو وضع تعريف معين لما يمكن للنحاة الاتفاق عليه . وخلاصة ما سبق أن البطليوسي صحح ـ لا أكثر ، ولا أقل ـ لبعض النحاة تعريفاتهم التي كان يرها فيها خللا من وجهة نظره لعدم دقة تعبيرها ، ثم أقر بأن أدق التعبيرات في حد الحرف هو ما ذكره سيبويه في كتابه ، ثم ما عرفه به البطليوسي نفسه . وهذا الذي ذكرنا لا يكفي للوقوف على تعريف الحرف تعريفا دقيقا ، لأن فيه من التباين ، والاختلاف ما يضع الدارس في متاهة لا يحسن الخروج منها ، لذلك رأينا أن نستعرض آراء أئمة النحو غير الذين ذكرنا لعلنا نصل إلى جديد ، وبالله التوفيق .
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ راجع كتاب إصلاح الخلل الواقع في الجمل للزجاجي ،
لعبد الله بن السيد البطليوسي ص 27 ، 31 بتصرف .

عرض الآراء : ـ
انقسم النحويون في تعريف الحرف إلى فريقين ، فريق يقول بدلالة الحرف على معنى في غيره ، وفريق يقول بدلالته على معنى في نفسه ، كما هو الحال في الاسم ، والفعل ، وسوف نستعرض معا أقوال كل من الفريقين لعلنا نصل إلى جديد .
أولا ـ آراء الفريق القائل بدلاله الحرف على معنى في غيره :
1 ـ الزمخشري : وهو أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري صاحب كتاب المفصل في علم العربية قال : " الحرف هو ما دل على معنى في غيره ، ومن ثم لم ينفك من اسم ، أو فعل يصحبه إلا في مواضع مخصوصة حذف فيها الفعل واقتصر على الحرف فجرى مجرى النائب " (1) .
2 ـ ابن يعش : موفق الدين يعش بن على بن يعش صاحب كتاب شرح المفصل ، لقد تابع ابن يعش الزمخشري في تعريف الحرف ، فقال شارحا معنى قول الزمخشري " وقولنا دلت على معنى في غيرها ـ يعني الكلمة المقصود بها الحرف ـ فصل ميزه ـ أي الحرف ـ من الاسم والفعل ، إذ معنى الاسم ،والفعل في أنفسهما ، ومعنى الحرف في غيره " (2) . ثم مثل على قوله بكلمة ( الغلام ) بأنه قد فهم منها المعرفة ، ولكن إذا ذكرت كلمة " أل " مفردة لو يفهم منها معنى ، وإذا قرنت بما بعدها من اسم أفادت التعريف فيه ، وهذا معنى دلالتها في غيرها .
3 ـ ابن عقيل : بهاء الدين عبد الله بن عقيل صاحب شرح الألفية قال : " وإن لم تدل على معنى في نفسها ـ يعني الكلمة ـ بل في غيرها فهي الحرف " (3) .
4 ـ ابن الناظم : أبو عبد الله بدر الدين محمد بن جمال الدين محمد بن مالك صاحب الألفية قال في شرحه على ألفية والده : " هذه الحروف ـ يعني حروف الجر ـ كلها مستوية
ـــــــــــــــــ
1 ـ المفصل ص 283 .
2 ـ شرح المفصل ج8 ، ص2 .
3 ـ شرح ابن عقيل ج1 ، ص15 .

في الاختصاص بالأسماء ، والدخول عليها لمعان في غيرها " (1) .
5 ـ الحسن بن قاسم المرادي صاحب كتاب الجنى الداني في حروف المعاني قال : " وقد حد الحرف بحدود كثيرة ومن أحسنها قول بعضهم : الحرف كلمة تدل على معنى في غيرها فقط " ثم فسر ذلك بقوله : " إن دلالة الحرف على معناه الإفرادي غير متوقفة على ذكر متعلق ألا ترى أنك إذا قلت " الغلام " فهم منه التعريف ، ولو قلت " أل " مفردة لم يفهم منه معنى ، فإذا قرن بالاسم أفاد التعريف " (2) .
6 ـ وممن تابعهم من النحاة المحدثين عباس حسن فقال في كتابه النحو الوافي : " الحروف : من ، في ، على ... إلخ لا تدل كل كلمة من الكلمات السابقة على معنى ، أي معنى ، مادامت منفردة بنفسها . لكن إذا وضعت في كلام ظهر لها معنى لم يكن من قبل " . ثم قال في مكان آخر : " فالحرف كلمة لا تدل على معنى في نفسها ، وإنما تدل على معنى في غيرها فقط ـ بعد وضعها في جملة ـ دلالة خالية من الزمن " (3) .
7 ـ أبن جني : أبو الفتح عثمان بن جني صاحب كتاب اللمع في العربية قال : " والحرف ما لم تحسن فيه علامات الأسماء ، ولا علامات الأفعال ، وإنما جاء لمعنى في غيره " (4) .
ثانيا ـ الفريق القائل بدلالة الحرف على معنى في نفسه :
1 ـ من الفريق الثاني الذين عرفوا الحرف بأنه يدل على معنى في نفسه محمد بت إبراهيم النحاس الحلبي صاحب كتاب إعراب القرآن ، فقد ورد في كتاب اللامات للدكتور عبد الهادي الفضلي نقلا عن بغية الوعاة ما نصه : " كان محمد بن إبراهيم النحاس الحلبي النحوي يذهب إلى أن الحرف معناه في نفسه على خلاف قول النحاة قاطبة
ـــــــــــــــ
1 ـ شرح ابن الناظم على الألفية .
2 ـ الجنى الداني ص20 ، 22 .
3 ـ النحو الوافي ج1 ، ص62 ، 63 .
4 ـ اللمع ص 91 .

أن معناه في غيره " ، وقد تابعه في هذا الرأي أبو حيان الأندلسي المتوفى سنة 745 هـ ، قال ابن هشام في شرح اللمحة البدرية : " والثاني دعوى دلالة الحرف على معنى في غيره وهذا وإن كان مشهورا عند النحويين إلا أن الشيخ بهاء الدين أبن النحاس نازعهم في ( التعليقة ) وزعم أنه دال على معنى في نفسه ، وتابعه المؤلف ( ابو حيان ) في شرح التسهيل " (1) .
واستطرد الفضلي قائلا : " وأشار الدكتور هادي نهر في هامشه على اللمحة البدرية إلى دليل ابن النحاس بالتالي : وحجة ابن النحاس في دلالة الحرف على معنى في نفسه هي أنه إذا خوطب بالحرف من لا يفهم موضوعه لغة كان كذلك ، وإن خوطب به من يفهمه فإنه يفهم منه معنى ، عملا بفهمه موضوعَه لغة ، كما إذا خوطب بـ " هل " من يفهم أن موضوعها الاستفهام ، وكذلك سائر الحروف ، قال : والفرق بينه وبين الاسم والفعل أن المعنى المفهوم منه مع غيره أتم من المعنى المفهوم منه في حال الإفراد بخلافهما ، فالمفهوم منهما في التركيب غير المفهوم منهما في الإفراد " (2) .
وبعد أن استعرضنا أقوال الفريقين يمكننا أن ندرك أن الفرق واضح بين الرأيين ، فالفريق الأول ـ ويشمل جل النحويين ـ مجمع على أن معنى الحرف لا يدرك في حالة انفراده ، أي إذا لم يكن الحرف في بناء من أبنية الكلام المفيد ، كأن نذكر حرف الجر " في " ، أو " إلى " دون ارتباطه بكلام لآخر في جملة مفيدة يحسن السكوت عليها ، وإنما يدرك معنى الحرف ، أو يكون له دلالة لغوية عندما يكون في جملة مفيدة ، لأنه يكتسب معناه ، أو يظهر معناه الكامن في ذاته من خلال تلاحمه مع مفردات الجملة المساندة له ، وهذا معنى قولهم "في غيره " ، فالضمير في غيره عائد إلى الألفاظ ، بمعنى أن الحرف لا يظهر معناه إلا من خلال انضمامه إلى ألفاظ أخرى ،
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ، 2 ـ اللامات للدكتور عبد الهدى الفضلي ص 56
نقلا عن شرح اللمحة البدرية ج1 ، ص214 .

فكلمة " في " مثلا لا يظهر معناها إلا إذا انضمت إلى كلمات أخرى ، كأن تقول : في الإبريق ماء .
فمعنى الظرفية الذي تدل عليه " في " لم يظهر إلا من خلال انضمامها إلى كلمة " ماء " ، و كلمة " الإبريق " . وشأن الحرف في ظهور معناه في هذه الحالة ، كشأن المبتدأ والخبر ، فكل منهما متمم الفائدة للآخر ، أي لا يتم معنى المبتدأ باعتباره مبتدأ إلا حيث وجد معه الخبر ، وكذلك الحال بالنسبة للحرف ، فمعناه لا يظهر إلا حيث كان معه كلام آخر يوضح دلالته .
أما رأي الفريق الثاني وقد قال به قلة من النحاة ندرك منه أن دلالة الحرف عندهم لا تحتاج إلى مساعد ، أو بتعبير أوضح لا يحتاج إلى بناء لغوي يلتحم معه حتى تظهر دلالته ، وإنما تظهر دلالته في نفسه ، أي منفردا ، كما تظهر حين ارتباطه بكلام آخر ، وهذا ما قصده أصحاب هذا الرأي من عبارة " في نفسه " ، أي أن الحرف يدل على معناه منفردا ، أو ضمن جملة مفيدة ، كما تدل الأسماء ، والأفعال على معناها منفردة ، أو ضمن جملة ، ومثال ذلك إذا قلنا " تحت " فإنها تدل على معنى في حالة انفرادها ، كما تدل على نفس المعنى في حالة تركيبها في جملة ، كقولنا " جلست تحت الشجرة " فدلالة " تحت " وهي اسم منفرد على معنى التحتية كدلالتها على نفس المعنى وهي في بناء لغوي مفيد ، وكذلك إذا قلنا " على " وهو حرف جر يدل على معنى العلو منفردا ، كما يدل على نفس المعنى عندما يكون في جملة مفيدة ، كأن نقول : " الكتاب على المكتب " ، أو " العصفور على الغصن "
وخلاصة القول أن المقصود من دلالة العبارة التي قال بها أصحاب الرأي الثاني " في نفسه " هو أن الحرف يدل على معنى سواء أكان منفردا ، أم في تركيب من تراكيب الكلام المكون لجملة مفيدة .
وفي رأيي المتواضع أن الحرف وإن لم يدل دلالة واضحة على معناه في حالة انفراده ، كما هو الحال في قسيميه من تقسيم الكلمة " الاسم ، والفعل " إلا أنه يحمل في نفسه دلالة ولو خفية يلمحها من تفهم موضوعه لغة ، وأعني بذلك من كان ذا نظر ثاقب ، وفاحص في دراسة النحو ، ولديه إدراك واع لسبر أغوار الحرف ، والوقوف على معناه الخفي ، ولم يكن هذا الأمر مقصورا على الحرف وحده من تقسيم الكلمة ، بل هو أيضا في الاسم والفعل ، وإن كان الأخيران أوضح معنى في حال انفرادهما .
والحرف من وجهة نظري كحجر غير مستو موضوع مع حجارة أخري مستوية ، فهو لا يظهر نفعه في نظر الإنسان العادي ، أما في نظر صاحب الصناعة ، وأعني " البناء " الذي يبني الجدار ، فهو ذو نفع منفردا ، وغير منفرد كغيره من بقية الحجارة المستوية ، وإن كان نفعها يظهر واضحا في نظر الجميع ، فنفعه يكون أكثر وضوحا عندما يشيد به بناء متكامل مع بقية الحجارة المستوية الأخرى . فإذا عوضنا في تمثيلنا السابق عن الحجر غير المستوي بالحرف ، وعن الحجارة المستوية بالاسم ، أو الفعل ، أو بهما معا فإننا نلحظ المعنى المراد من ذلك التمثيل . فالحرف يصدق عليه ما يصدق على ذلك الحجر غير المستوي ، فهو قليل النفع ، أو لا قيمة لغوية له منفردا ، أو لا يكون واضح الدلالة إذا لم يكن في بناء لغوي مفيد ، وهو مع ذلك يحتفظ في نفسه بمعنى يلمحه المشتغل بصناعة اللغة ، والأمر نفسه يكون في الاسم والفعل ، وإن كانت دلالة كل منهما الإفرادية ، والقيمة اللغوية لهما أكثر وضوحا ، وأجلى رؤية من الحرف ، ولكن إذا ما وضع كل منهما في بنية الجملة كان المعنى أظهر ، وأبين ، والقيمة اللغوية حاصلة .
ويمكننا أن نوضح ما ذهبنا إليه آنفا بالتمثيل العملي على النحو التالي :
فإذا قلت " في " ، أو " إلى " ، أو " من " فهي أحرف جر قد لا يظهر معنى كل منها منفردا لغير المتخصص في دراسة النحو ، أو لمن لا يستوعب موضوعها في اللغة ، بينما يظهر معناها منفردة ولو بصورة ضئيلة يلمحها من هو على فهم بموضوعها لغة ، فحرف الجر " في " لا بد وأن يوحي إلى المخاطب به ، أو الدارس بصفة عامة معنى معين يستوحى منه أن هذا الحرف هو أحد أحرف الجر ، وقد تكون الرؤية في ذهنه أوضح عندما يعرف أنه أيضا يدل على الظرفية ، ولكن متى وضع هذا الحرف " في " ، أو غيره من الحروف الأخرى في جمل مفيدة يبرز معناه الذي كان يلمح لمحا ، ويكون واضحا جليا للمتخصص ، بل وربما لغير الدارس المتخصص ، ويدرك أن معنى " في " يفيد الظرفية المكانية إلى جانب الربط بين جزئي الكلام الذي يشكل معه الجملة المفيدة ، كأن نقول مثلا " الكتاب في الحقيبة " ، فلو نزعنا حرف الجر من بين جزئي الجملة ، وهو الكتاب من جانب ، والحقيبة من جانب آخر لصبح معنى كل من الاسمين لا يفيد معنى يحسن السكوت عليه ، وإن كان لكل منهما معناه الانفرادي في نفسه ، وهو معنى أوضح من ذلك المعنى الذي يحمله حرف الجر " في " ، ولكن متى وضعت الألفاظ الثلاث في تركيب واحد وثق الحرف عرى المعاني الظاهرة والخفية في كل من الاسمين من ناحية ، وفي نفسه من ناحية أخرى ، ولو كان الأمر غير ذلك لكان بإمكان الاستغناء عن الحرف كلية وهذا لا يصح . وما قلته في الحرف أقوله أيضا في الاسم والفعل ، وإن كان المعنى الانفرادي لكل منهما أكثر وضوحا من معنى الحرف ، وإذا ما وضع كل منهما في جملة مفيدة كانا أكثر وضوحا ، وأشد التصاقا لإظهار المعنى العام الذي يراد منهما.
ولا يخفى علينا أن هناك بعض التراكيب اللغوية التي تدل دلالة أكيدة على أن الحرف قد يفيد دلالة انفرادية أي : " في نفسه " ، وإن كانت هذه الدلالة غي جلية كما هو الحال في الاسم ، والفعل ، ولكنها مع ذلك دلالة توحي ولو من بعيد بأن الحرف لا يخلو من معنى في نفسه ، ومن هذه التراكيب قولهم : " رغبت في " فحرف الجر " في " في التركيب السابق هو الذي حدد المعنى المطلوب ، وهو الرغبة في الشيء ، وكذلك الحال إذا قلنا : " رغبت عن " فالحرف " عن " هو الذي حدد معنى عدم الرغبة ، والله أعلم .
وهناك نقطة أخيرة سنعرج عليها بالحديث عن الحرف ، وهي تسمية الحرف حرفا ، وما حول هذه التسمية من خلاف أيضا .
ذكر بعض النحويين إنما سمي الحرف كذلك لأنه طرف في الكلام ، وفضلة ، وهو يعني في اللغة طرف كل شيء وشفيره وحدُّه (1) . فقالوا حرف الجبل أي حدّه وهو أعلاه المحدد . وقال البعض : سمي كذلك لنه يأتي على وجه واحد . والحرف لغة هو الوجه الواحد ، ومنه قوله تعالى : { ومن الناس من يعبد الله على حرف }2 .
أي : يعبده على السراء ، فإذا نزلت به الضراء انقلب ، وانقطع عن العبادة ، فكانت عبادته لله على غير تمكن ، وطمأنينة ، ويبدو أن الحرف سمي حرفا لأنه طرف في الكلام ، كما أوضحنا ، وأما قوله تعالى : { ومن الناس من يعبد الله على حرف } ، فهو راجع إلى هذا المعنى ، لأن الشاك كأنه على طرف من الاعتقاد وناحية منه (3) .

ثانيا ـ تقسيم الأحرف من حيث عملها :
تنقسم الحروف من حيث الإعمال ، والإهمال إلى قسمين : ـ
1 ـ أحرف عاملة : وهي الحروف التي إذا دخلت على الاسم ، أو الفعل أثرت في إعرابه ، وغيرته من حالة إعرابية إلى حالة أخرى مغايرة لما كان عليه الاسم ، أو الفعل قبل دخول الحرف عليه ، فإذا دخل حرف الجر على الاسم عمل فيه الجر ، كأن نقول : الطلاب في الفصول ، فكلمة الفصول أصبحت مجرورة بفعل حرف الجر " في " وعمله ، وكذلك إذا دخل حرف النصب " لن " على الفعل ، كأن نقول : لن أقول غير الحقيقة . نجد أن الفعل " أقول " قد تغير شكل أخره بفعل حرف النصب فيه ، فقد عمل فيه النصب ، وهكذا بقية الحروف العاملة ، فهي تنزل بما بعدها من الأسماء ، والأفعال الرفع ، أو النصب ، أو الجزم ، أو الجر ، وسنبين ذلك مفصلا في موضعه إن شاء الله .
ـــــــــــــــــــ
1 ـ القاموس المحيط ج3 ، ص 126 .
2 ـ 11 الحج .
3 ـ الجنى الداني للمرادي ص 24 ، 25 .

2 ـ حروف غير عامله : وهي الأحرف التي إذا سبقت الاسم ، أو الفعل لا تعمل فيه ، ولا تؤثر عليه إعرابيا ، كحروف النداء قبل الاسم ، وحروف الاستفتاح ، والسين ، وسوف ، وقد قبل الفعل ، وغيرها من بقية الحروف غير العاملة ، والتي سنذكرها مفصلة في موضعها . وقد حصر النحاة الحروف العاملة ، وغير العاملة في عدد معين ، وإن كان هذا العدد قل عند البعض ، وزاد عند البعض الآخر بسبب إدخال بعض الحروف في مواضع مختلفة عند بعض النحاة ، وحذفها ، أو عدم العمل بها عند آخرين ، وقد تتبعت هذه الحروف في جل كتب النحو ، واستطعت الوقوف على ستة وتسعين حرفا عاملة ، وغير عاملة .

أقسام الحروف العاملة : ـ
تنقسم الحروف العاملة إلى أربعة أقسام :
أولا ـ حروف تعمل الجر ، ويتراوح عددها ما بين سبعة عشر حرفا في المفصل للزمخشري ، وبين العشرين في الأشموني ، وشرح ابن عقيل ، والثلاثة وعشرين حرفا في رصف المباني ، وإليكها كما ذكرها الزمخشري :
الباء ، التاء ، اللام ، الكاف ، الواو ، من ، عن ، في ، مذ ، إلى ، على ، حتى ، منذ ، حاشا ، خلا ، عدا . وقد أضاف عليها الأشموني ، وابن مالك : كي ، لعل ، متى .
وأضاف عليها المالقي : مُن بضم الميم ، ومعْ الساكنة العين ، ولولا .
فالحروف التي ذكرها الزمخشري لا حاجة لنا في الحديث عنها لأنها مفصلة في باب المجرورات ، أما زيادة " كي ، لعل ، متى " عند ابن عقيل والأشموني فسنفصل الحديث فيها الآن .

1 ـ كي :
إن منشأ الخلاف حول اعتبار " كي " حرفا من حروف الجر أو عدمه يرجع إلى أن " كي " لها استعمالات أخرى غير الجر وهي :
أ ـ تأني حرفا مصدريا ونصب بمعنى " أن " ، وغلب ورودها مع اللام لفظا نحو : نحو : ادرس لكي تنجح . أو تقديرا ، نحو : ادرس كي تنجح .
124 ـ ومنه قوله تعالى : { لكي لا يكون على المؤمنين حرج }1 .
فهي ناصبة للفعل بنفسها لاقترانها بلام التعليل ، وإذا لم تتصل باللام يجوز فيها أن تنصب بنفسها ، أو بأن المصدرية المقدرة .
125 ـ كقوله تعالى : { فرددناه إلى أمه كي تقر عينها }2 .
ومتى سبقت " كي " بلام التعليل الجارة كانت حرفا ناصبا ليس غير ، والمصدر المؤول منها ومن الفعل يعرب في محل جر بلام التعليل .
كقوله تعالى : { لكي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم }3 .
وإذا لم تتصل باللام فيجوز فيها أن تكون تعليلية جارة للمصدر المؤول من " أن " المضمرة وجوبا ، والفعل المضارع بعدها (4) .
نحو : عاقبت المهمل كي يعمل الواجب .
ب ـ تأتي حرفا للتعليل ، ولا تجر إلا " ما " المصدرية والفعل بعدها مرفوع .
38 ـ كقول عبد الأعلى بن عبد الله :
إذا أنت لم تنفع فضر فإنما يرجى الفتى كيما يضر وينفع
وكذلك إذا جاء بعدها " ما " الاستفهامية .
نحو : كيم فعلت ذلك ؟ أي : لم فعلت ذلك ؟
وفي رأيي من هذا التصور لمفهوم " كي " اختلف النحاة في اعتبارها حرفا للجر ، أو عدم اعتبارها ، لأنها لم تتخصص للجر كغيرها من حروف الجر ، أو لغرابة الجر بها ، فهي لا تجر كما ذكرنا إلا " ما " المصدرية ، أو " ما " الاستفهامية ، أو المصدر المؤول من " أن " والفعل المضارع .
ـــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ 37 الأحزاب . 2 ـ 13 القصص .
3 ـ 17 الحشر .
4 ـ انظر كتابنا المستقصى في معاني الأدوات النحوية وإعرابها ج1 ، ص 255 .

2 ـ لعل :
إن المتداول في الاستعمال بين النحاة ، أن تكون لعل حرفا مشبها بالفعل من أخوات إن ، يفيد الترجي ، وهو الأمر المحبوب . نحو : لعل الله يرحمنا .
كما تفيد الإشفاق ، والتعليل .
126 ـ نحو قوله تعالى : { فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى }1 .
أو الاستفهام . نحو قوله تعالى : { لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا }2 .
أما استعمالها كحرف من حروف الجر فهذا هو المستهجن لأنها لا تكون كذلك إلا في لغة عقيل ، وما استخدم في لغات بعض القبائل لا يطبق كقاعدة عامة .
ومن أمثلة استعمالها حرف جر في لغة عقيل قول الشاعر * :
لعل الله فضلكم علينا بشيء أن أمّكم شرِيم
ومنه قول كعب بن سعد الغنوي :
" لعل أبي المغوار منك قريب "
والشاهد في البيتين السابقين قوله : لعل الله ، ولعل أبي ، فلعل حرف ترج وجر شبيه بالزائد ، وجر بها لفظ الجلالة ، ولفظ أبي على لغة عقيل .
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هل كون " لعل " وردت في البيتين السابقين ، أو في غيرهما على قلة ، وفي لغة بعض القبائل ، وربما ورد ذلك خطا من القائلين ، أو ممن نقل عنهما ، هل تعتبر لعل حرفا من حروف الجر ؟ سأترك الأجابة للدارس يحكم العقل ، والمنطق ، ويقرر .

3 ـ متى :
الجر بها لغة هذيل ، وقد عدها النحاة بمعنى " من " ، أو " في " .
يقولون : أخرجها متى كمه ، والمعنى : من كمه .
ومنه قول عمرو بن كلثوم :
أخيل برقا متى حاب له زجل إذا يفتر من توماضه حلجا
ــــــــــــــــ
1 ـ 44 طه . 2 ـ 1 الطلاق .

39 ـ ومنه قول أبي ذؤيب الهذلي :
شربن بماء البحر ثم ترفعت متى لجج خضر لهن نئيج
الشاهد في البيتين قولهما : متى حاب ، ومتى لجج . حيث جُرت حاب ، ولجج بـ " متى " في لغة هذيل . وفي رأيي أن هذه لهجات لا يعتد بها .
أما ما زاده المالقي من حروف جارة فهو : مُن ، ومعْ ، ولولا .
1 ـ مُن :
حرف جر للقسم ، ولا تدخل إلا على كلمة " الرَّب " ، ويجوز في نونها الإظهار ، والإدغام مع راء " رب " ، ويعلق صاحب رصف المباني عليها بقوله : " والأظهر عندي أن تكون اسما مقتطعا من " ايمُن " التي هي اليمن عند سيبويه رحمه الله ، وجمع " يمين " عند الفراء ، إذ قالوا : ايمن الله لأفعلن ، وقد استدل المالقي على ما ذكر بوجهين :
أحدهما : أن معنى " من ربي " ، و " ايمن الله " واحد ، وليست حرف جر لأنها لو كانت حرف جر لأوصلت ما بعدها إلى ما قبلها ، ولا يستقيم هنا أيضا لها لفساد المعنى .
والثاني : أنّا وجدنا " ايمن " يحذف منها النون فيقال " ايم الله " والألف والياء والنون فيقال : " مَ الله " بالفتح والضم والكسر ، ولا يبعد أن تحذف ألفها وباؤها فتبقى
" مُن " فيكون هذا الحذف من التصرف فيها به ، كما تصرِّف فيها بغيره من الحذف ، إلا أنها لما لزمت الرفع بالابتداء في القسم لا غير ، واتصلت بالمقسم به اجتمعت ضمة ميمها مع ضمة نونها ، مع حركة ما بعدها فجرت مجرى " طُنُب " ، و " عُنُق " فخففت بالسكون فقيل " طُنْب " ، و " عُنْق " ، ولذلك جاز إظهار نونها مع الراء دلالة على أصل التحريك (1) .
ونخلص من كلام المالقي أن " مُن " تكون اسما ، ولا تكون حرفا استنادا لما دلل به ،
ــــــــــــــــ
1 ـ رصف المباني ص 391 ، 392 .

ناهيك ‘ن إهمال النحاة لها كحرف من حروف الجر ، وعدم ذكرها البتة .
2 ـ معْ :
ومن الحروف التي ذكرها المالقي ضمن حروف الجر " معْ " بتسكين العين ، فقال : " أعلم أن " مع " تكون ساكنة العين ، وتكون متحركتها ، فإذا كانت متحركتها فهي اسم مضاف إلى ما بعدها منصوب على الظرفية ، وتنون فيقال : معا .
فمثال مجيئها اسما 127 ـ قوله تعالى : { إن مع العسر يسرا }1 .
ومنه قوله تعالى : { قال كلا إن معي ربي سيهدين }2 .
ومثال مجيئها منونة غير مضافة قولنا : جاء الرجلان معا ، وهي حينئذ حال منصوبة .
ومنه قول امرئ القيس :
مكر مفر مقبل مدبر معا كجلمود صخر حطه السيل من عل
40 ـ ومنه قول الصمة القشيري :
حننت إلى ريا ونفسك باعدت مزارك من ريا وشعباكما معا
وإذا سكنت عينها فهي غذ ذاك حرف جر معناه المصاحبة ، والعامل فيها فعل وما جرى مجراه كسائر حروف الجر ، ولا يحكم فيها بحذف ، ولا وزن ، ولا يسأل عن بنائها لثبوت الحرفية فيها " (3) .
ومن الأمثلة على حرفيتها قول الراعي النميري كما ورد في كتاب سيبويه ، وهو 41 ـ لجرير في ديوانه :
فريشي منكم وهواي معْكم وإن كانت زيارتكم لماما
الشاهد في البيت قوله : معْكم ، فهي جار ومجرور متعلقان بمحذوف في محل رفع خبر لـ " هواي " ، والتقدير : هواي كائن معكم .
ــــــــــــــــ
1 ـ 6 الشرح . 2 ـ 62 الشعراء .
3 ـ رصف المباني ص 394 .

ولا يخفى ما في ذلك من توهم لأن " مع " ظرف يفيد المصاحبة ، وقبل بدخول حرف الجر عليه ، وينون ، ولكن ربما يكون لمن قال بحرفيته العذر على اعتبار تسكين حرف العين ، فيكون التسكين قد أخرج الكلمة من الظرفية إلى الحرفية .
3 ـ لولا :
عد كثير من النحويين " لولا " ضمن حروف الجر ، إذا اتصل بها الضمير ، سواء أكان مخاطبا ، نحو : لولاك ، أم غائبا ، نحو : لولاه ، أم متكلما ، نحو : لولاي ، ومن ذهب من النحاة هذا المذهب : سيبويه ، وأصحابه ، فقال : " لولاك ، ولولاي ، إذا أضمرت الاسم فيه جُرَّ " (1) .
ويعني بقوله هذا : أن لولا إذا اتصل بها الضمير تكون حرف جر ، والضمير في محل جر بها ،
42 ـ كقول رؤبة :
وكم موطن لولاي طحت كما هوى بأجرامه من قلة النبق منهوي
الشاهد : لولاي ، حيث جر الضمير بـ " لولا " ، وهي من حروف الابتداء بدليل أن تلاها ضمير ظاهر منفصل ، وما بعدها يكون مرفوعا على الابتداء ، وخبره واجب الحذف ، نحو : لولا أنت لفعلت كذا .
فلولا : حرف امتناع لوجود " امتناع الجواب لوجود الشرط ، والضمير الظاهر المنفصل في محل رفع مبتدأ ، والخبر محذوف تقديره : موجود .
ومن النحاة من يميل إلى ما قاله الأخفش ، وبعض الكوفيين : بأن " لولا " تيقى على عملها وهو : الرفع إذا تلاها ضمير مظهر ، نحو لولاك ، ولولاي ، ولولاه .
واستدل على صحة رأيه من وجهين :
1 ـ أن مجيء لولا حرف جر يعني ذلك دخول حرفين على معمول واحد ، ويقصد بالحرفين " لو " ، و " لا " لأن لولا مركبة منهما ، وهذا غير موجود في كلام العرب .
2 ـ إذا جعلنا " لولا " حرف جر فإنها تحتاج إلى ما تتعلق به ، لأنها ليست زائدة ،
ــــــــــــــ
1 ـ كتاب سيبوبه ج2 ، ص 373 .

كالباء في بحسبك ، وليس في الكلام ما تتعلق به ، ولا تُقَدر متعلقة به ، ناهيك عن كونها تأتي في أول الكلام ، ولا تحتاج إلى كلام قبلها ، وتكون جوابا له ، وهذا كله معدوم في حرف الجر ، والحكم عليها بأنها حرف خفض ضعيف ، والأولى أن يحكم عليها بالبقاء على كونها حرف ابتداء عند من يرى ذلك (1) .

ثانيا ـ حروف تعمل النصب في الأسماء ، وحروف تعمل النصب في الأفعال :
النوع الأول ويشمل : إنَّ ، أنَّ ، إنْ ، أنْ ، كأنَّ ، لكنَّ ، ليت ، لعل ، ولا النافية للجنس ، " وغنَّ " عند بعض النحاة وسنفصل القول عنها في موضعه .
النوع الثاني ويشمل : أنْ المصدرية ، لن ، إذن ، كيما ، كي ، فاء السببية ، واو المعية ، لام الجحود ، لام التعليل ، حتى ، وحتى ، وذلك عند من عمل بالحروف السابقة دون إضمار " أن " المصدرية .
لقد تعرضنا لنواصب الأسماء مفصلا في بابها ، إلا " غَنَّ " ، وقد جعلها صاحب رصف المباني نظير " لعل " ، و " أنَّ " حيث نصب بها الاسم ، ورفع بها الخبر ، واستشهد على قوله هذا بقول : أبي النجم العجلي نقلا عن أبي القالي في أماليه
" وأغدُ لغَنَّا في الرهان نرسله " (2) .
غير أن الرواية التي أوردها المالقي غير صحيحة فقد وردت في العقد الفريد " لعَنَّا " بالعين ، وليس بالغين من قصيدة :
لأبي النجم العجلي طويلة ، ومطلعها (3) :
ثم سمعنا برهان نأمله قِيد له من كل أفق نرسله
فقلت للسائس قدْه اعجله واغدُ لعَنَّا في الرهان نرسله
ـــــــــــــــــــ
1 ـ كتاب سيبوبه ج2 ، ص 373 .
2 ـ رصف المباني ص 438 .
3 ـ العقد الفريد لبن عبد ربه ج1 ، ص 172 .

أما الحروف التي تعمل النصب في الأفعال فقد ذكرنا أيضا مفصلة في بابها ولا حاجة لإعادتها .
ثالثا ـ حروف تعمل الرفع في الأسماء ، وهي : ما ، ولا ، ولات ، وإن المشبهات بليس ، وقد وردت تلك الحروف في بابها .
رابعا ـ حروف تعمل الجزم في الأفعال وهي : لم ، لمّا ، إنْ ، إذما ، لا الناهية ، وقد ذكرنا : لم ، ولما ، ولا الناهية في باب الحروف الجازمة للفعل المضارع .
وإن ، وإذما في باب أدوات الشرط الجازمة لفعلين فتبين ذلك رعاك الله .
2 ـ الحروف غير العاملة :
هي الحروف التي إذا سبقت الاسم ، أو الفعل لا تعمل فيه كما ذكرنا ذلك في موضعه ، ومنها ما لا يسبق الاسم ، ولا الفعل ، وتسمى الحروف الجوابية ، وإليك الحروف غير العاملة برمتها :
الألف ، الهمزة ، الميم ، النون ، الفاء ، السين ، الهاء ، الياء ، أجل ، إذا الفجائية ، أل ، ألا ، ألاّ ، إلاّ ، أم ، أما ، أمّا ، إمّا ، أو ، أيّ ، إي ، أيا ، إيّا ، بجل ، بل ، بلى ، ثم ، جلل، جير ، إذ ، كلاّ ، لكنْ ، لو ، لوما ، نعم ، قد ، سوف ، ها ، هيا ، هل ، هلاّ ، وا ، وي ، يا .

تقسيم الأحرف من حيث مكانها في الكلام :
تنقسم جميع الحروف عاملة ، وغير عاملة من حيث مكانها في الكلام إلى ثلاثة أقسام :
1 ـ حروف تأتي قبل الاسم .
2 ـ حروف تأتي قبل الفعل .
3 ـ حروف تأتي قبل الاسم ، والفعل .

أولا ـ الحروف التي تأتي قبل الاسم :
1 ـ حروف الجر : وهي حروف عاملة الجر في الاسم .
2 ـ حرف الاستثناء : إلا ، وهو حرف عامل النصب في الاسم ، وذكر في بابه .
3 ـ حروف النفي : وهي تعمل النفي في الاسم ، ويكون بعدها مرفوعا ، وذكرت في بابها .
4 ـ الحروف المشبهة بالفعل " إن وأخواتها " ، ولا النافية للجنس ، وكلها تعمل النصب في الاسم ، وقد ذكر كل منهما في بابه .
5 ـ حروف النداء ، وهي حروف غير عاملة ، وذكرت في باب النداء .
6 ـ واو المعية ، وفي عملها خلاف بين النحاة ، راجع ذلك في باب المفعول معه .
7 ـ حرفا المفاجأة : إذا ، وإذ ، وهما غير عاملين .
نحو : خرجت فإذا رجل بالباب . الاسم بعدها مبتدأ ، وخبره واجب الحذف .
ونحو : علمت أن صديقي قد شفي إذ هو مريض . ما بعدها مبتدأ وخبر .

8 ـ حرفا التفصيل : أمّا ، وإمّا ، وهما غير عاملين .
أ ـ أمّا : وتأتي :
1 ـ حرف شرط غير جازم تلازم الفاء جوابها كثيرا .
128 ـ نحو قوله تعالى : { فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم }1 .
2 ـ حرف تفصيل وجوابه مقترن بالفاء وجوبا .
129 ـ نحو قوله تعالى : { فأما اليتيم فلا تقهر وأما السائل فلا تنهر }2 .
3 ـ وتأتي حرف توكيد ، 43 ـ كقول الشاعر :
أما أنا فكما علمت فهل لوصلك من مقام
تنبيه : يلاحظ أن " أمّا " التفصيلية يشتبه بها لفظان آخران هما :
ــــــــــــــــ
1 ـ 36 البقرة . 2 ـ 9 ، 10 الضحى .

أ ـ أحدهما مركب من " أم " المنقطعة ، و " ما " الاستفهامية .
130 ـ نحو قوله تعالى : { أمّا ذا كنتم تعلمون }1 .
ب ـ والثاني مركب من " أن " المصدرية ، و " ما " التي هي عوض من " كان " (2) .
44 ـ كقول العباس بن مرداس :
أبا خراشة أمّا أنت ذا نفر فإن قومي لم تأكلهم الضبع
2 ـ إمّا : وتأتي :
أ ـ حرف تفصيل .
131 ـ كقوله تعالى : { إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا }3 .
ومنه قول الشاعر :
سأحمل نفسي على آلة فإما عليها وإما لها
ب ـ حرفا للإباحة ، نحو : زرنا إما اليوم وإما غدا .
ج ـ حرفا للشك ، نحو : خرج من المسجد إما محمد وإما محمود .
د ـ حرفا للإبهام .
132 ـ كقوله تعالى : { وآخرون مرجون لأمر الله إما يعذبهم وإما يتوب عليهم }4
هـ ـ حرفا للتخيير .
133 ـ كقوله تعالى : { إما أن تلقي وإما أن نكون أول الملقين }5 .
ح ـ وتأتي مركبة من " إن " الشرطية ، و " ما " الزائدة .
134 ـ نحو قوله تعالى : { إما تخافن من قوم خيانة فانبِذ إليهم }6 .
ــــــــــــــــــــــــ
1 ـ 84 النمل .
2 ـ راجع كتابنا المستقصى في معاني الأدوات النحوية وإعرابها ج ، ص
3 ـ 3 الإنسان . 4 ـ 106 التوبة .
5 ـ 65 طه . 6 ـ 58 الأنفال .

45 ـ ومنه قول الشاعر :
أيا راكبا إما عرضت فبلغن نداماي من نجران أن لا تلاقيا
9 ـ حروف التنبيه ، وهي : ها ، يا ، أما ، ألا ، وكلها غير عاملة .
أ ـ ها : حرف تنبيه يدخل على الآتي :
1 ـ أسماء الإشارة ، نحو : هذا ، هذه ، هذان ، هاتان ، هؤلاء .
135 ـ ومنه قوله تعالى : { هذا سراط مستقيم }1 .
2 ـ على ضمير الرفع . نحو : ها أنا ذا . وتكتب أيضا " هأنذا " .
136 ـ ومنه قوله تعالى : { ها أنتم أولاء تحبونهم }2 .
3 ـ وتدخل على " أي " ، و " أية " وصلتي النداء للمنادى المعرف بأل .
نحو قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله }3 .
137 ـ وقوله تعالى : { يا أيتها النفس المطمئنة }4 .
4 ـ وتدخل على إنَّ المشبهة بالفعل . نحو : ها إن محمدا قادم .
ومنه قول النابغة :
ها إنَّ تا عذرة إنْ لم تكن نفعت فإن صاحبها قد تاه في البلد
ب ـ يا : حرف تنبيه إذا لم يليها منادى ظاهر .
138 ـ نحو قوله تعالى : { يا ليتني مت قبل هذا }5 .
ومنه قوله تعالى : { ألا يا اسجدوا لله الذي يخرج الخبء }6 .
على قراءة من أفرد " يا " وجعل اسجدوا فعل أمر ، وهي قراءة الزهري والكسائي (7) .
ــــــــــــــــــ
1 ـ 36 مريم . 2 ـ 119 آل عمران .
3 ـ 20 الأنفال . 4 ـ 27 الفجر .
5 ـ 23 مريم . 6 ـ 25 النمل .
73 ـ رصف المباني ص 514 .

47 ـ ومنه قول الشاعر :
ألا يا اسلمي ثم اسلمي ثم اسلمي ثلاث تحيات وإن لم تكلمي
ومنه قول الآخر :
يا هل تعود سوالف الأزمان أو لا فمتصرف إلى الحدثان
وقال بعض النحاة : إن " يا " فيما سبق حرف نداء ، والمنادى محذوف للعلم به ، والتقدير : يا قوم في الآيتين ، وفي الشاهد الأخير ، ويا فلانة في الشاهد الأول .
أما إذا تلا " يا " المنادى كانت حرف نداء للقريب ، والوسط والبعيد ، ومن في حكم المنادى كالنائم ، والساهي .
نحو : يا معلم ارع تلاميذك ، ويا محمد لا تهمل الواجب .
ونحو : يا طالعا جبلا . ويا نائم استيقظ . وللمزيد راجع باب النداء .
ج ـ أما : حرف تنبيه ، واستفتاح للحال ، وكثيرا ما يليها القسم .
نحو : أما والله لأعاقبن المسيء .
وتستفتح بها الجمل الاسمية ، والفعلية على حد سواء .
مثال الاسمية : أما محمد قائم .
ونحو : أما إن المعلم المعلم بعلمه يخدم المجتمع بعلم فذلك أمر لا ريب فيه .
ومثال الفعلية : أما قام أخوك . وأما استيقظ محمد .
48 ـ ومنه قول أبي صخر الهذلي :
أما والذي أبكى وأضحك والذي أمات وأحيا والذي أمره الأمر
د ـ ألا : حرف استفتاح للتنبيه ، والدلالة على تحقيق ما بعدها ، وتدخل على الجمل الفعلية، والاسمية ، كما هو الحال في " أما " .
139 ـ نحو قوله تعالى : { ألا يوم يأتيه ليس مصروفا عليهم }1 .
ومثال دخولها على الأسماء .
ـــــــــــــــ
1 ـ 8 هود .

140 ـ قوله تعالى : { ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم }1 .
ومنه قوله تعالى : { ألا لعنة الله على الظالمين }2 .
ومنه قول لبيد :
ألا كل شيء ما خلا الله باطلا وكل نعيم لا محالة زائل
49 ـ ويكثر مجيء النداء بعدها كقول امرئ :
ألا أيها الليل الطويل ألا انجلي بصبح وما الإصباح منك بأمثل
وتأتي " ألا " لمعان أخرى لا يتسع لها المجال لذكرها (3) .
ــــــــــــــــــ
1 ـ 62 يونس . 2 ـ 18 هود .
3 ـ راجع للاستزادة كتابنا المستقصى في معاني الأدوات النحوية وإعرابها ج1 .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://benchicao.forumalgerie.net
عبد المالك عبد القادر
Admin



المساهمات : 416
تاريخ التسجيل : 01/03/2013
العمر : 60
الموقع : https://benchicao.forumalgerie.net

حروف المعاني Empty
مُساهمةموضوع: الإغراء والتحذير    حروف المعاني Emptyالخميس يوليو 11, 2013 8:28 pm

الإغراء والتحذير

تعريف الإغراء :
هو نصب الاسم المحبب عمله بفعل محذوف وجوبا تقديره الزم ، أو ما في معناه ، باعتباره مفعولا به .
نحو : الكفاح الكفاح فهو طريق التحرر .
الاجتهاد والنجاح فإنهما السبيل إلى الفوز .
تعريف التحذير :
هو نصب الاسم المكروه عملة بفعل محذوف تقديره احذر ، أو ما في معناه ، باعتباره مفعولا به .
نحو : الكسل الكسل هو طريق الفشل .
الكسل والرسوب إنهما السبيل إلى التأخر .
صور الإغراء والتحذير :
للإغراء والتحذير صورتان هما :
1 ـ التكرار ، والفعل معه واجب الحذف .
نحو : البكور البكور ، والفوز الفوز ، والاجتهاد الاجتهاد .
ونحو : الكسل الكسل ، الإهمال الإهمال ، الكذب الكذب .
ومنه قول مسكين الدارمي :
أخاك أخاك إنَّ من لا أخا له كساع إلى الهيجا بغير سلاح
2 ـ العطف : ويقصد به عطف اسم مفرد على آخر ، والفعل معه واجب الحذف أيضا .
نحو : الجد والاجتهاد ، الكفاح والنضال .
ونحو : الكسل والإهمال . الغش والخيانة .
ومن صور التحذير أن يكون المحذر منه ضمير النصب المنفصل " إياك " العائد على المخاطب وزمرته ، ويكون إما مكررا ، أو معطوفا عليه ، أو يكون الاسم الذي يليه مجرورا بمن ، أو مصدرا مؤولا .
نحو : إياك إياك . إياك والإهمال . إياكم من السمنة . إياكن أن تتأخرن .
وأصل هذه الصورة : أحذرك ، وأحذرك والإهمال ، وباعدوا من السمنة ، واحذرن من أن تتأخرن .
ومن شواهد المكرر قول الشاعر :
أخاك أخاك فهو أجل ذُخر إذا نابتك نائبة الزمان
ومنه قول الآخر :
فإياك إياك المراء فإنه إلى الشر دعَّـاء وللشر جالب
إياك : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل نصب بفعل محذوف تقديره : قِ أو احذر .
وإياك الثانية توكيد لفظي مبني على الفتح في محل نصب .
ومن شواهد المعطوف عليه قوله تعالى : { ناقة الله وسقياها }1 .
ومنه قول الشاعر :
فإياك والأمر الذي إن توسعت موارده ضاقت عليك المصادر
والعطف في هذه الصورة من باب عطف الجمل على الجمل .
فإياك والإهمال نعربها على النحو التالي :
إياك : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل نصب مفعول به لفعل محذوف تقديره : قِ ، أو احفظ .
والإهمال : الواو حرف عطف ، الإهمال : مفعول به لفعل محذوف تقديره : احذر ، والمعطوف جملة : احذر الإهمال ، والمعطوف عليه : قِ نفسك .
لأن أصل التركيب : قِ نفسك ، واحذر الإهمال .
وقد يأتي المحذر منه غير مسبوق بحرف العطف .
نحو : إياك إياك الخيانة .
ومن شواهد المصدر المؤول الذي يلي إياك ولم يسبق بحر العطف قول الشاعر :
إياك أن تعظ الرجال وقد أصبحت محتاجا إلى الوعظ
فائدة : ذكرنا سابقا أن حكم المحذر منه النصب باعتباره مفعولا به ، وعامله فعل محذوف وجوبا في كل الصور التي ذكرنا آنفا ، غير أنه قد يحذف الفعل جوازا إذا كان المحذر منه مفردا ، وهذه الصورة ضعيفة ، بل ذكر بعض النحاة أنها خروج عن الأصل .
نحو : الكفاح فإنه الطريق إلى تحرير الوطن .
ونحو : الكذب فإنه سبب كل المعاصي .
والتقدير : الزم الكفاح . واحذر الكذب .
ومنه قول الشاعر :
أخاك الذي إن تدعه لملمة يجبك كما تبغي ويكفيك من بغى
الشاهد قوله : أخاك ، حثت جاء بها الشاعر منصوبة على الإغراء بفعل محذوف ، غير مكررة ، ولا متعاطفة . والتقدير : الزم أخاك .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://benchicao.forumalgerie.net
عبد المالك عبد القادر
Admin



المساهمات : 416
تاريخ التسجيل : 01/03/2013
العمر : 60
الموقع : https://benchicao.forumalgerie.net

حروف المعاني Empty
مُساهمةموضوع: المجرورات   حروف المعاني Emptyالخميس يوليو 11, 2013 8:30 pm

لمجرورات

أولا ـ المجرور بحرف الجر :

تعريف حرف الجر :
يعرف أكثر النحاة المتقدمين حرف الجر بأنه : ما دل على معنى في غيره ، أي بارتباطه مع غيره من الكلام . والواقع أن الحروف عموما ، ومنها حرف الجر تدل على معان سواء ارتبطت بغيها ، أم لم ترتبط ، وقد أوضحنا ذلك مفصلا في باب الأحرف . والدليل على أن كثيرا من أحرف الجر يفاد منها المعنى المطلوب سواء أكانت ابتداء ، أم تبعيضا ، مثل " من " ، أو غاية مثل " إلى ، وحتى " ، وهناك أيضا بعض التراكيب في اللغة العربية دليل على أن حرف الجر يفيد معنى في ذاته ، ومنه قولهم : " رغبت في " ، فحرف الجر " في " هو الذي حدد المعنى المراد في التركيب السابق ، وهو الرغبة في الشيء ، وقولهم : " رغبت عن " نجد أن حرف الجر عن هو الذي حدد عدم الرغبة في الشيء .

علة تسمية الجار والمجرور بشبه الجملة ، وضرورة تعلقه بغيره : ـ
إن الجار والمجرور ، وكذلك الظرف ـ سبق الحديث ـ يسمى في اللغة العربية ، وفي غيرها من اللغات الأخرى بشبه الجملة ، وأن هذه التسمية تعود لأسباب أهمها : أن الجار والمجرور لا يؤديان في الكلام إلى معنى مستقل ، ولكن هذا المعنى الذي يؤديانه يكون فرعيا ، لذلك تكون الجملة ناقصة ، ولنقصانها أطلق عليها شبه جملة ، أي : جملة غير مكتملة لأداء المعنى ، كما أن الجار والمجرور ينوبان في الأغلب الأعم عن الجملة وينتقل إليهما ضمير متعلقهما .
فعندما نقول : محمد في المدرسة .
يستفاد من ذلك : أن محمدا استقر في المدرسة ، فيكون الجار والمجرور قد ناب عن الخبر المحذوف ، وهو الفعل " استقر " وفاعله . وكذلك الحال بالنسبة للضمير المستتر في الفعل قد انتقل مضمرا أيضا إلى الجار والمجرور .
ومعنى أن الجار والمجرور لا بد أن يكون متعلقا ، لأنه ــ كما ذكرنا ــ لا يؤدي معنى كاملا في الجملة ، ولكن المعنى الذي يؤديه يكون فرعيا متمما للمعنى الذي يؤديه الفعل ، أو شبهه ، وهذا يعني أن الجار والمجرور يرتبط بمعنى الفعل ، أي يتعلق به . نحو : ذهب الطالب إلى المدرسة .
فالجار والمجرور تعلقا بالفعل " ذهب " ، أي أن شبه الجملة قد ارتبط بالحدث الذي دل عليه الفعل . لأن قولنا : ذهب الطالب . معنى أدته الجملة تأدية كاملة ، للدلالة على الحدث والزمن في آن واحد ، ولكن زيادة شبه الجملة " إلى المدرسة " معناه زيادة معنى فرعي إلى معنى الجملة السابقة ، وهذا المعنى الفرعي الذي حدد المكان الذي ذهب إليه الطالب لا بد أن يرتبط مع ما سبقه في الحدث الذي يدل عليه الفعل وكذلك المكان ، أو الحيز الذي أفده الاسم المجرور . ومن هنا نقول " إلى المدرسة " جار ومجرور متعلقان بالفعل " ذهب " ، أو شبه الجملة متعلق بالفعل " ذهب " .
وكذلك الحال إذا قلنا : الفلاح في الحقل . فالجار والمجرور ، أي شبه الجملة قد تعلق بمحذوف خبر للمبتدأ الذي هو " الفلاح " ، والجار والمجرور ليس في الأصل بالخبر ، لأنه لا بد من تعلقهما بما يدل على الحدث الذي أفاده المبتدأ . كما أوضحنا في الفعل .
وتقدير الخبر الذي تعلق به الجار والمجرور هو : كائن ، أو مستقر ، أو الفلاح كان ، أو استقر في الحقل .
ومما سبق يتضح أن شبه الجملة يتعلق بالفعل ، كما أنه يتعلق بما يشبه الفعل ، أي من كل كلمة تدل على حدث ، ومما تتعلق به شبه الجملة غير الفعل الآتي : ـ
1 ـ اسم الفعل . نحو : أف للغادر . للغادر جار ومجرور متعلقان باسم الفعل " أف ".
2 ـ اسم الفاعل . نحو : أنا مسافر على متن الطائرة .
" على متن " جار ومجرور متعلقان باسم الفاعل " مسافر " .
3 ـ المصدر . نحو : أفضل القراءة في الصباح .
" في الصباح " جار ومجرور " شبه جملة " متعلقان بالمصدر " قراءة " .
4 ـ الصفة المشبهة . نحو : محمد شجاع في قول الحق .
" في قول " جار ومجرور متعلقان بالصفة المشبهة " شجاع " .
5 ـ بصيغة المبالغة . نحو : أنت حمال للضر .
1 ـ ومنه قوله تعالى : { فعال لما يريد }1 .
" لما " جار ومجرور متعلقان بصيغة المبالغة " فعال " .
6 ـ ويتعلق بالاسم الجامد المؤول بالمشتق .
نحو : أنت كالأسد في الشجاعة .
ومنه قول الشاعر :
أنت كالكلب في الوفاء وكالتيس في مقارعة الخصوم
الشاهد قوله : في الوفاء ، وفي مقارعة . فكل من الجار والمجرور قد تعلق بالاسم الجامد المؤول بالمشتق وهو : الكلب في صدر البيت لأنه بمعنى " أمين " ، والتيس في عجز البيت لأنه بمعنى " مقدام أو شجاع .
ــــــــــ
1 ـ 16 البروج .

أقسام الجار والمجرور :
تنقسم أحرف الجر من حيث العمل في الظاهر والمضمر إلى قسمين : ـ
أولا ـ ما يعمل في الظاهر ، والمضمر على حد سواء وهو : من ، إلى ، عن ، على ، في ، اللام ، الباء ، خلا ، عدا ، وحاشا .
مثال الاسم الظاهر : خرجت من المسجد .
2 ـ ومنه قوله تعالى : { وأعرض عن المشركين } 1 .
ومثال الضمير : أخذت منه القلم .
3 ـ ومنه قوله تعالى : { وهو الذي أنزل إليكم الكتاب } 2 .
وقوله تعالى : { ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منا }3 .
ثانيا ـ ما يختص بالاسم الظاهر : ربَّ ، مذ ، منذ ، حتى ، الكاف ، واو القسم ، تاء القسم ، كي . نحو : رب ضارة نافعة . سأنتظرك مذ اللحظة .

أقسام حروف الجر من حيث الأصالة ، والزيادة : ـ
تنقسم أحرف الجر إلى ثلاثة أقسام على النحو التالي : ـ
1 ـ حروف جر أصلية :
هي التي تضيف المعنى الفرعي إلى ركني الجملة كما أوضحنا سابقا ، ولا بد من تعلقه . نحو : جلس محمد في البيت .
في البيت جار ومجرور متعلقان بالفعل " جلس " .
2 ـ حروف جر زائدة :
هي التي لا تضيف معنى فرعيا إلى ركني الجملة ، ولكنها تساعد على ربط
ـــــــــــــــ
1 ـ 106 الأنعام . 2 ـ 114 الأنعام .
3 ـ 39 النور .
الجملة وتقويتها ، ولا تتعلق البتة . نحو : ما التقيت بأحد .
بأحد : الباء حرف جر زائد ، وأحد مفعول به ، مجرور لفظا منصوب محلا . أو منصوب بفتحة مقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الحر الزائد .
4 ـ ومنه قوله تعالى : { لست عليهم بمسيطر }1 .
5 ـ وقوله تعالى : { وكفى بالله شهيدا }2 .
وحروف الجر التي تستعمل أصلية وزائدة هي : من ، الباء ، الكاف ، واللام .
3 ـ حروف جر شبيه بالزائد : وهي الحروف التي تضيف للجملة معنى جديدا ، ولكنها لا تتعلق بها . ولا يوجد حروف جر شبيهة بالزائدة إلا " ربَّ " .
نحو : رب قول أحسن من عمل .
رب : حرف جر شبيه بالزائد مبني على الفتح لا محل له من الإعراب .
قول : مبتدأ مرفوع الضمة المقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد .
أحسن : خبر مرفوع بالضمة . من عمل : جار ومجرور متعلقان بـ : أحسن " .

معاني حروف الجر : ـ
حروف الجر واحد وعشرون حرفا ، منها ما يدخل في باب الحرف ، ومنها ما يدخل في باب الفعل ، ومنها ما هو شاذ في عمله ، وبعضها لا يجر إلا بشروط ، وقد أشرنا لكل منها في باب الحرف ، ويهمنا في هذا المقام أن نتحدث عن حروف الجر التي تعمل بلا قيد ولا شرط ، وبدون تكلف ، وهذا منهجنا في هذه الموسوعة ، وعيه تكون حروف الجر العاملة في اللغة العربية ، والتي في متناول الدارس أربعة عشر حرفا ممثلة في الآتي :
ــــــــــــــــ
1 ـ 22 الغاشية . 2 ـ 79 النساء .

من ، عن ، على ، في ، إلى ، مذ ، منذ ، رب ، الكاف ، اللام ، التاء ، الباء ، الواو ، وحتى . وإليك معانيها مفصلة .
أولا ـ من : تأتي لكثير من المعاني :
1 ـ لابتداء الغاية في الأمكنة ، والأزمنة .
ابتداء الغاية في الأمكنة . نحو : خرج المصلون من المسجد .
6 ـ ومنه قوله تعالى : { من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى }1 .
وقوله تعالى : { فأنزلنا من السماء ماء }2 .
وابتداء الغاية في الأزمنة وهو قليل . نحو : انتظرتك من الصباح حتى الظهيرة .
ومنه قوله تعالى : { لمسجد أسس على التقوى من أول يوم }3 .
فـ " من " في المجموعة الأولى جر جرَّ أسماء مكانية وهي كلمة : المسجد ، في المثال ، وفي الآية ، وذلك يعني ابتداء الغاية في تلك الأمكنة .
وفي المجموعة الثانية قد جرت أسماء زمانية وهي كلمة : الصباح ، وكلمة أول ، في كل من المثال ، والآية ، ومعنى " في " في هذه المجموعة يدل على ابتداء الغاية في تلك الأزمنة .
2 ـ تأتي للتبعيض ، وهو اقتطاع جزء من كل . نحو : أكلت من الطعام ، وأنفقت من المال .
7 ـ ومنه قوله تعالى : { حتى تنفقوا مما تحبون } 4 .
وقوله تعالى : { وبما أنفقوا من أموالهم }5 .
والدليل على اعتبار " من " تبعيضية فقد قرئت الآية { حتى تنفقوا مما تحبون } في بعض القراءات { حتى تنفقوا بعض ما تحبون } ، لأن من علامات ذلك أن تخلف
ـــــــــــــــ
1 ـ 1 الإسراء . 2 ـ 22 الحجر .
3 ـ 108 التوبة . 4 ـ 92 آل عمران .

" من " كلمة " بعض " .
ومنه قوله تعالى : { ومن الناس من يقول آمنا بالله }5 .
3 ـ لبيان الجنس : نحو : له عمامة من حرير . واشتريت ثوبا من قطن .
8 ـ ومنه قوله تعالى : { فاجتنبوا الرجس من الأوثان }1 .
وغالبا ما تأتي " من " التي تفيد التبعيض بعد " ما ، ومهما " لفرط إبهامهما ، وعلامة ذلك يصح أن يخلفها اسم الموصول .
9 ـ نحو قوله تعالى : { ما يفتح الله للناس من رحمة } 2 .
وقوله تعالى : { مهما تأتنا به من آية }3 .
وقوله تعالى : { من أساور من ذهب }4 .
4 ـ تأتي " من " للتعليل . نحو : جزع من الخوف ، وأرهق من العمل .
10 ـ ومنه قوله تعالى : { مما خطيئاتهم أغرقوا }5 .
وقوله تعالى : { كأنهم حمر مستنفرة فرت من قسورة }6 .
وقوله تعالى : ر وأخواتكم من الرضاعة }7 .
5 ـ تأتي بمعنى البدل . نحو : قبلت بالغث من السمين .
11 ـ ومنه قوله تعالى : { أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة }8 .
والمعنى أن الله يخاطب المؤمنين الذين تخلفوا عن غزوة تبوك ، ويعاتبهم ، ويوبخهم على هذا التخلف ، فهم قد رضوا بنعيم الدنيا ومتاعها الفاني بدل نعيم الآخرة ، وثوابها الباقي (9) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ 33 النساء . 2 ـ 30 الحج . 3 ـ 2 فاطر .
4 ـ 132 الأعراف . 5 ـ 31 الكهف . 6 ـ 25 نوح .
7 ـ 50 ، 51 المدثر . 8 ـ 22 النساء . 9 ـ 38 التوبة .
10 ـ تفسير ابن كثير ج2 ص 35 . وصفوة التفاسير لمحمد الصابوني ج1 ص535 .

6 ـ للتأكيد . وهي من الزائدة ، بشرط أن يكون مجرورها :
أ ـ نكرة . ب ـ أن يسبقها نفي ، أو نهي ، أو استفهام بـ " هل " .
ويكون مجرورها النكرة فاعلا . نحو : لا يبخل من معلم بعلمه . هل تأخر من أحد ؟
12 ـ ومنه قوله تعالى : { ما يأتيهم من ذكر }1 .
أو مفعولا به . نحو : لم أر من زائر . هل أهملت من واجب .
13 ـ ومنه قوله تعالى : { هل تحسبن منهم من أحد }2 .
وقوله تعالى : { هل ترى من فطور }3 .
وقوله تعالى : { وما أهلكنا من قرية إلا لها منذرون }4 .
أو يكون مبتدأ . نحو : ليس للمهمل من منزلة . وما للسارق من أمان .
14 ـ ومنه قوله تعالى : { هل من خالق غير الله }5 .
وقوله تعالى : { وما له في الآخرة من خلاق }6 .
أو مفعولا مطلقا . نحو : ما أحسن إنسان من إحسان إلا أثابه الله .
7 ـ تأتي " من " بمعنى " في " نحو : سأرحل من أول الشهر .
والمعنى : في أول الشهر .
15 ـ ومنه قوله تعالى : { إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة }7 .
وقوله تعالى : { ماذا خلقوا من الأرض }8 .
8 ـ وتأتي بمعنى " إلى " . نحو : اقترب منك . أي إليك .
9 ـ تأتي بمعنى " الباء " . نحو : أمسكته من يده . أي : بيده .
16 ـ ومنه قوله تعالى : { ينظرون من طرف خفي }9 .
ـــــــــــــــــــــــــ
1 ـ 2 الأنبياء . 2 ـ 98 مريم . 3 ـ 3 الملك .
4 ـ 208 النمل .5 ـ 3 فاطر . 6 ـ 200 البقرة .
7 ـ 9 الجمعة . 8 ـ 40 فاطر . 9 ـ 45 الشورى .

10 ـ وبمعنى " عن " . نحو : لا تبتعد من هذا المكان . أي : عن هذا المكان .
17 ـ ومنه قوله تعالى : { يا ويلتنا قد كنا في غفلة من هذا }1 .
11 ـ وبمعنى " على " . نحو : لعل الله ينصفنا من الظلم . والتقدير : على الظلم .
18 ـ ومنه قوله تعالى : { ونصرناه من القوم الذين كذبوا }2 .
ثانيا ـ " عن " ، تأتي لعدة معان :
1 ـ تكون للمجاورة . نحو : رحلت عن المدينة . ورغبت عن ودك . ورميت عن القوس .
2 ـ بمعنى البدل . نحو : قم عنب بهذا الأمر .
19 ـ ومنه قوله تعالى : { واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا }3 .
3 ـ بمعنى " بَعْدَ " . نحو : سحابة صيف عن قريب تقشع . أي : بعد قريب .
20 ـ ومنه قوله تعالى : { طبقا عن طبق }4 .
وقوله تعالى : { عما قليل ليصبحن نادمين }5 .
4 ـ وتأتي للتعليل 21 ـ نحو قوله تعالى : { وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك }6 .
وقوله تعالى : { وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه }7 .
5 ـ بمعنى " على " . إذا رضيتم عني فلم أترككم .
22 ـ ومنه قوله تعالى : { فإنما يبخل عن نفسه }8 .
وقوله تعالى : { وكأين من قرية عتت عن أمر ربها ورسله }9 .
6 ـ وبمعنى " من " :23 ـ كقوله تعالى : { وهو الذي يقبل التوبة عن عباده }10 .
ــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ 97 الأنبياء . 2 ـ 77 الأنبياء . 3 ـ 23 البقرة .
4 ـ 19 الانشقاق . 5 ـ 40 المؤمنون . 6 ـ 53 هود .
7 ـ 115 التوبة . 8 ـ 38 محمد . 9 ـ 8 الطلاق .
10 ـ 105 التوبة .

وقوله تعالى : { أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا }1 .
ثالثا ـ " على " ، تأتي لمعان أهمها :
1 ـ تأتي للاستعلاء الحسي . نحو : ركبت على الفرس ، ووضعت الكتاب على المنضدة . 24 ـ ومنه قوله تعالى : { على الأرائك ينظرون }2 .
وقوله تعالى : { وعلى الفلك تحملون }3 .
وللاستعلاء المعنوي . نحو : كنا على علم بقدومك .
25 ـ ومنه قوله تعالى : { فضلنا بعضهم على بعض }4 .
وقوله تعالى : { فأنزل الله سكينته على رسوله }5 .
2 ـ تأتي بمعنى المصاحبة .
26 ـ نحو قوله تعالى : { وآتي المال على حبه }6 .
وقوله تعالى : { وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم }7 .
3 ـ تأتي بمعنى الظرفية ، أي بمعنى ( في ) . نحو قولهم : أخذه على حين غرة .
27 ـ ومنه قوله تعالى : { أفتمارونه على ما يرى }8 .
4 ـ تأتي للتعليل .
28 ـ نحو قوله تعالى : { ولتكبروا الله على ما هداكم }9 .
5 ـ تأتي بمعنى الاستدراك . نحو : لم يحالفني الحظ على أنني لم أيأس .
واذهب إلى الحفل على أن تعود مبكرا .
ــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ 16 الأحقاف . 2 ـ 23 المطففين .
3 ـ 22 المؤمنون . 4 ـ 253 البقرة . 5 ـ 26 الفتح .
6 ـ 177 البقرة . 7 ـ 6 الرعد .
8 ـ 12 النجم . 9 ـ 185 البقرة .

ومنه قول الشاعر :
بكل تداوينا فلم يشف ما بنا على أن قرب الدار خير من البعد
الشاهد قوله : " على أن " حيث استدرك بها حديثه في الشطر الأول من البيت .
6 ـ تتضمن على معنى ( عن ) . نحو : رضيت عنك .
2 ـ ومنه قول الشاعر :
إذا غضبت عليَّ بنو نمير حسبت الناس كلهم غضابا
7 ـ تتضمن معنى ( عن ) .
29 ـ نحو قوله تعالى : { إذا اكتالوا على الناس يستوفون }1 .
8 ـ وتتضمن معنى ( الباء ) . نحو : رميت على القوس .
والتقدير : مستعينا بها . ومنه قولهم : حريٌّ على أن تقول الصدق .
رابعا ـ " في " :
1 ـ تأتي للظرف الحقيقي . نحو : في الإبريق ماء .
والطالب في المدرسة .
30 ـ ومنه قوله تعالى : { يوم ينفخ في الصور }2 .
وقوله تعالى : { إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض }3 .
كما تأتي للظرف المجازي . نحو : نظرت في الأمر .
31 ـ ومنه قوله تعالى : { ولكم في القصاص حياة }4 .
وقوله تعالى : { لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة }5 .
2 ـ تأتي للتعليل . نحو : مات في مزاح . وقتل كليب في ناقة .
ومنه قول الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ " دخلت امرأة النار في هرة حبستها " .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ 2 المطففين .2 ـ 103 طه . 3 ـ 94 الكهف .
4 ـ 179 البقرة . 5 ـ 21 الأحزاب .

32 ـ ومنه قوله تعالى : { لمسكم فيما أخذتم }1 .
3 ـ تأتي للمصاحبة . نحو : خرج الأمير في موكبه .
33 ـ ومنه قوله تعالى : { قال ادخلوا في أمم }2 .
4 ـ تأتي للمقايسة . نحو : ما ذنبنا في عفوك إلا هفوة .
34 ـ ومنه قوله تعالى : { فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل }3 .
5 ـ تتضمن معنى ( على ) ، وتسمى " في " الاستعلائية .
35 ـ نحو قوله تعالى : { ولأصلبنكم في جذوع النخل }4 .
6 ـ تتضمن معنى " إلى " .
36 ـ نحو قوله تعالى : { فردوا أيديهم في أفواههم }5 .
7 ـ تتضمن معنى " الباء " . نحو : هو بصير في المسألة .
أنت خبير في شؤون الدولة .
3 ـ ومنه قول الشاعر :
بصيرون في طعن الأباهر والكلى
والتقدير : بطعن الأباهر والكلى .
8 ـ وتتضمن معنى " من " .
4 ـ كقول الشاعر :
وهل يَعِمنْ من كان أحدث عهده تلاقين شهرا في ثلاثة أحوال

خامسا ـ " إلى " :
1 ـ تأتي لانتهاء الغاية المكانية ، والزمانية . نحو : ذهبت إلى المدرسة .
ـــــــــــــــــ
1 ـ 68 الأنفال . 2 ـ 38 الأعراف .
3 ـ 38 التوبة . 4 ـ 71 طه . 5 ـ 9 إبراهيم .

وصمت إلى العشاء .
37 ـ ومنه قوله تعالى { من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى }1 .
ومثال انتهاء الغاية الزمانية :
38 ـ قوله تعالى { وأتموا الصيام إلى الليل }2 .
2 ـ تأتي للمصاحبة . نحو : جلست إلى الضيف .
39 ـ ومنه قوله تعالى : { ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم }3 .
3 ـ تأتي بمعنى " عند " . وهي المبينة لفاعلية مجرورها ، لذلك يسميها النحاة
البينة ، لأنها تبين أن مصحوبها فاعل لما قبلها ، وذلك بعدما يفيد حبا ، أو بغضا من أفعل تعجب ، أو تفضيل . نحو : ما أبغض الخائن إلىَّ ، والمطالعة أحب إلىَّ من اللعب .
40 ـ ومنه قوله تعالى : { ربِّ السجن أحب إلىَّ }4 .
4 ـ وتضمن " إلى " معنى " في " نحو قوله تعالى : { ليجعلكم إلى يوم القيامة }5 .
وتضمن معنى " اللام " نحو : تركت الأمر إليك . أي : لك .
ويقال إن " إلى " في هذا المقام تكون لانتهاء الغاية . أي : الأمر منته إليك .
سادسا ـ حتى : تأتي لانتهاء الغاية . نحو : سرت حتى الكعبة .
ويلاحظ من ذلك أن ما بعد حتى لم يدخل في حكم ما قبلها إلا إذا دلت عليه القرينة .
نحو : بذلت مالي حتى آخر درهم في سبيل العلم .
41 ـ ومنه قوله تعالى : { سلام هي حتى مطلع الفجر }6 .
ــــــــــــــــــــــــ
1 ـ 1 الإسراء . 2 ـ 187 البقرة .
3 ـ 2 النساء .4 ـ 33 يوسف .
5 ـ 87 النساء .6 ـ 5 الفجر .

سابعا ـ الكاف :
1 ـ تأتي للتشبيه ، وهذا هو الأصل في معانيها .
نحو : أنت شامخ كالطود . ومحمد كالأسد .
42 ـ ومنه قوله تعالى : { وردة كالدهان }1 .
2 ـ تأتي للتعليل .
43 ـ نحو قوله تعالى : { واذكروه كما هداكم }2 . أي : لهدايته إياكم .
3 ـ تأتي للتوكيد ، وهي الكاف الزائدة في الإعراب .
44 ـ نحو قوله تعالى : { ليس كمثله شيء }3 . والتقدير : ليس شيء مثله .
وتستعمل الكاف في التمثيل بما لا مثيل له . كأن تقول : " إن من الحروف ما لا يقبل الحركة كالألف " . ويقال لها كاف الاستقصاء .
4 ـ وتضمن الكاف معنى " على " وهي ما تعرف بكاف الاستعلاء . كأن تأتي الكاف في الإجابة على سؤال كالتالي : كيف أصبحت ؟ فتقول : كخير . أي : على خير .
ومنه قولهم : كن كما أنت . أي : ثابتا على ما أنت عليه .

ثامنا ـ اللام : للام معان كثيرة منها ما يمكن الاستفادة منه في الحياة العملية ، وما يرجوه طالب العلم ، ومنها ما هو نادر الاستعمال . وهنا سنذكر الاستعمالات التي
يمكن الاستفادة منها ، وهي كالتالي :
1 ـ تأتي للملك : نحو : المنزل لأخي . والكتاب للطالب .
45 ـ ومنه قوله تعالى : { لله ما في السموات والأرض }4 .
كما تأتي لشبه الملك ، وتعرف بلام الاختصاص . نحو : الفوز للمجتهدين .
ــــــــــــــــــ
1 ـ 37 الرحمن . 2 ـ 198 البقرة .
3 ـ 11 الشورى . 4 ـ 26 لقمان .

واللجام للفرس . 46 ـ ومنه قوله تعالى : { الحمد لله }1 .
وقوله تعالى : { ويل للمطففين }2 .
كما تعرف بلام الاستحقاق . نحو : الويل للناكثين . والنار للكافرين .
2 ـ تأتي للتعليل : نحو : هربت للخوف . وحضرت لزيارتك .
47 ـ ومنه قوله تعالى : { لتحكم بين الناس }3 .
ومنه قول الشاعر :
وإني لتعروني لذكراك هزة كما انتفض العصفور بلله القطر
3 ـ تأتي للصيرورة ، وتسمى لام العاقبة ، أو لام المآل .
48 ـ نحو قوله تعالى : { فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا }4 .
4 ـ تأتي للتوكيد ، وهي اللام الزائدة .
5 ـ كقول الشاعر :
" ملكا أجار لمسلم ومعاهد "
5 ـ تأتي لتقوية العامل إذا ضعف . ويكون ضعف العامل للأسباب التالية :
أ ـ إما لكونه فرعا في العمل .
49 ـ نحو قوله تعالى : { مصدقا لما معهم }5 .
وقوله تعالى : ر فعال لما يريد }6 . وتكون اللام في هذه الحالة للتقوية .
ب ـ أو لتأخره عن المعمول .
50 ـ نحو قوله تعالى : { إن كنتم للرؤيا تعبرون }7 .
ـــــــــــــــــــــــ
1 ـ 2 الفاتحة . 2 ـ 1 المطففين .
3 ـ 105 النساء . 4 ـ 8 القصص .
5 ـ 91 البقرة .
6 ـ 16 البروج . 7 ـ 43 يوسف .

وقوله تعالى : { للذين هم لربه يرهبون }1 .
6 ـ وتأتي للتعجب . نحو : لله دره رجلا ، ويا للفرح .
وتستعمل اللام في هذه الحالة مفتوحة بعد الياء .
7 ـ تأتي للتبليغ . نحو : قلت للرجل .
8 ـ تأتي للتعدية . وهي الواقعة بعد فعل تعجب ، أو تفضيل لتبين أن ما بعدها مفعول لما قبلها .
نحو : ما أجمع الرجل للمال .
9 ـ تأتي لانتهاء الغاية ، وهو قليل .
51 ـ نحو قوله تعالى : { كل شيء يجري لأجل مسمى }2 .
10 ـ تأتي للوقت ، وتسمى لام الوقت ، أو لام التاريخ . نحو : كتب الخطاب لغرة ربيع الأول .
أي : عند غرته .
11 ـ وتضمن معاني الحروف التالية :
أ ـ تضمن معنى " على " .
52 ـ نحو قوله تعالى : { يخرون للأذقان سجدا }3 .
أي : على الأذقان .
ب ـ تضمن نعنى " في " . نحو قولهم : مضى لسبيله .
53 ـ ومنه قوله تعالى : { ونضع الموازين القسط يوم القيامة }4 .
وقوله تعالى : { لا يجلبها لوقتها إلا هو }5 .
وقوله تعالى : { إني جاعلك للناس إماما }6 .
ج ـ تضمن معنى " عن " .
54 ـ نحو قوله تعالى : { قالت أخراهم لأولاهم ربنا هؤلاء أضلونا }7 .
ـــــــــــــــــــــــــ
1 ـ 154 الأعراف . 2 ـ 2 الرعد .
3 ـ 107 الإسراء . 4 ـ 47 الأنبياء .
5 ـ 187 الأعراف . 6 ـ 124 البقرة .
7 ـ 38 الأعراف .


تاسعا ـ " الباء " ، تشتمل الباء كحرف من حروف المعاني ، على معان كثيرة ، تتحدد من خلال استعمالها لربط الكلام ، وتكوين جملة مفيدة . ومن معانيها الآتي :
1 ـ تأتي للإلصاق الحقيقي والمجازي .
مثال الإلصاق الحقيقي : أمسكت بيده .
55 ـ ومنه قوله تعالى : { حتى يأتنا بقربان }1 .
وقوله تعالى : { أيكم يأتني بعرشها }2 .
ومثال الإلصاق المجازي : مررت به .
56 ـ ومنه قوله تعالى : { حتى يأتي الله بأمره }3.
وقوله تعالى : { فليأتكم برزق منه }4 .
تأتي بمعنى الاستعانة . أي استعنت بالشيء ، نحو : كتبت بالقلم .
57 ـ ومنه قوله تعالى : { يأيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر }5 .
وقوله تعالى : ر قال موسى لقومه استعينوا بالله واصبروا }6 .
3 ـ تأتي بمعنى التعدية . نحو : ذهبت بمحمد .
ومنه قوله تعالى : { ذهب الله بنورهم }7 .
وقوله تعالى : { لو شاء الله لذهب بسمعهم }8 .
4 ـ تأتي للتعليل . نحو : قتل بذنبه . ومات بظلمه .
59 ـ ومنه قوله تعالى : { فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم }9 .
وقوله تعالى : { فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم }10 .
ــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ 183 آل عمران . 2 ـ 38 النمل .
3 ـ 109 البقرة .4 ـ 19 مريم .
5 ـ 153 البقرة . 6 ـ 127 الأعراف .
7 ـ 17 البقرة . 8 ـ 20 البقرة .
9 ـ 160 النساء . 10 ـ 13 المائدة .

5 ـ تأتي للسببية . 60 ـ نحو قوله تعالى : { أخذته العزة بالإثم }1 .
وقوله تعالى : { فأخذناهم بما كانوا يكسبون }2 .
6 ـ تضمن معنى " من " ، وتسمى باء التبعيض .
61 ـ نحو قوله تعالى : { عينا يشرب بها عباد الله }3 .
7 ـ تضمن معنى " على " ، وتسمى باء الاستعلاء .
62 ـ نحو قوله تعالى : { إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك }4 .
وقوله تعالى : { من إن تأمنه بقنطار }5 .
8 ـ تضمن معنى " في " ، وتسمى باء الظرفية .
63 ـ نحو قوله تعالى : { الذين تمنوا مكانه بالأمس }6 .
وقوله تعالى : { للذي ببكة }7 . وقوله تعالى : { فأصبحتم بنعمته إخوانا }8 .
وقوله تعالى : { وما كنت بجانب الغربي }9 .
وقوله تعالى : { نجيناهم بسحر }10 .
9 ـ وتضمن معنى " عن " .
64 ـ نحو قوله تعالى : { فاسأل به خبيرا }11 .
10 ـ تأتي للبدلية . نحو : ما يسرني أني اقتنيت المال بالعلم .
65 ـ ومنه قوله تعالى : { اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة }12 .
وقوله تعالى : { يشترون الحياة الدنيا بالآخرة }13 .
وقوله تعالى : { أن النفس بالنفس }14 .
ـــــــــــــــــــــ
1 ـ 206 البقرة . 2 ـ 96 الأعراف .
3 ـ 16 الإنسان . 4 ، 5 ـ 75 آل عمران .
6ـ 82 القصص . 7 ـ 96 آل عمران .
8 ـ 103 آل عمران . 9 ـ 44 القصص .
10 ـ 43 القمر . 11 ـ 59 الفرقان .
12 ـ 26 البقرة .13 ـ 73 النساء .
14 ـ 45 المائدة .

11 ـ تأتي للتأكيد ، وهي الباء الزائدة . نحو قوله تعالى : { كفى بالله شهيدا }1 .
وقوله تعالى : { وكفى بالله وكيلا }2 .
66 ـ وقوله تعالى : { وما نحن بمؤمنين }3 .
وقوله تعالى : { وامسحوا برؤوسكم }4 .
وقوله تعالى : وما أنتم بمعجزين في الأرض }5 .
وقوله تعالى : { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة }6 .
12 ـ تأتي الباء بمعنى " مع " ، وتعرف بباء المصاحبة . نحو : بعتك الدار بأثاثها .
67 ـ ومنه قوله تعالى : { وقد دخلوا بالكفر }7 . أي : مع الكفر .
وقوله تعالى : { واختلط به نبات الأرض }8 .
وقوله تعالى : { ولا يشرك بعبادة ربه أحدا }9 .
وقوله تعالى : { ما كان لنا أن نشرك بالله من شيء }10 .
عاشرا ـ الواو ، والتاء : يكونان للقسم ، نحو : والله لأساعدن الضعيف .
وتالله لأحفظنَّ ودك . 68 ـ ومنه قوله تعالى : { والقرآن ذي الذكر }11 .
وقوله تعالى : { والشمس وضحاها }12 . وقوله تعالى : { والليل إذا يغشى }13 .
69 ـ وقوله تعالى : { تالله إنك لفي ضلالك القديم }14 .
وقوله تعالى : { قال تالله إن كدت لتردين }15 .
وقوله تعالى : { قالوا تالله تفتؤ تذكر يوسف }16 .
ــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ 79 النساء . 2 ـ 48 الأحزاب . 3 ـ 38 المؤمنون .
4 ـ 6 المائدة . 5 ـ 22 العنكبوت . 6 ـ 195 البقرة .
7 ـ 59 الفرقان . 8 ـ 24 يونس . 9 ـ 111 الكهف .
10 ـ 38 يونس . 11 ـ 1 ص . 12 ـ 1 الشمس .
13 ـ 1 الليل . 14 ـ 95 يوسف . 15 ـ 56 الصافات .
16 ـ 85 يوسف .

أحد عشر ـ مذ ومنذ : يكونان لابتداء الغاية بمعنى " من " ، إذا كان الزمان ماضيا .
نحو : ما حضرت إلى العمل مذ يومين ، أو منذ يومين .
ويكونان للظرفية ، إذا كان الزمان حاضرا ، وهما حينئذ بمعنى " في " .
نحو : ما رأيته مذ شهرنا ، أو منذ شهرنا .
وفي هذا المقام تفيد مذ ومنذ استغراق المدة ’
كما يأتيان بمعنى " من " ، و " إلى " معا إذا كان مجرورهما نكرة معدودا .
نحو : ما رأيتك مذ ثلاثة أيام ، أو منذ ثلاثة أيام .
اثنا عشر ـ رب : تأتي للتقليل والتكثير ، ويدل على ذلك القرينة التي تعين أحدهما .
مثال التقليل :
6 ـ قول الشاعر :
" ألا رب مولود ليس له أب " .
فالقرينة الدالة على أن ربَّ جاءت للتقليل هو : أن المولود الذي ليس له أب قليل ، بل يكاد ينحصر في سيدنا عيسى عليه السلام .
ومنه قولهم : ربَّ أخ لك لم تلده أمك .
ومثال التكثير : قول الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ياربَّ كاسية في الدنيا عارية يوم القايمة . وقول بعض العرب عند انقضاء رمضان : يا رب صائمه لن يصومه .

فوائد وتنبيهات :
أولا ـ كنت قد استبعد " كي " كحرف من حروف الجر ، لأنها لا تعمل إلا بشرط ، واستعمالها كحرف من حروف النصب أقرب إلى الفهم ، والذوق السليم ، ومع ذلك آثرت ذكرها هنا موضحا الشروط التي يجب أن تتوافر فيها كي تعمل الجر : ـ
1 ـ تختص " كي " بالدخول على " ما " الاستفهامية ، إذا جاءت حرفا من حروف الجر ، وتكون للتعليل ، بمعنى " اللام " . نحو : كيم فعلت هذا .
2 ـ تختص بالدخول على " أن " المصدرية وصلتها .
نحو : حضرت كي أبشرك بالنجاح . أي : لبشارتك .
فاعتبر النحاة " أن " المصدرية المحذوفة مع الفعل المضارع بمثابة الاسم فدخلت عليه " كي " باعتبارها حرفا من حروف الجر ، لأنه من المتعارف عليه نحويا أن حروف الجر لا تختص بالدخول إلا على الأسماء .
وفي رأيي أن ذلك التخيل لأن المحذوفة وتكوينها مع الفعل اسما ، أمر مجهد للعقل من حيث التصور ، وكان يكتفى بـ " كي " في هذه الحالة أن تكون حرفا ناصبا للفعل فقط ، لأن الغرض من دراسة النحو الوصفي ، هو الوصول إلى التطبيق على القواعد الحقيقية بيسر وسهولة ، لا تصور ما يمكن أن يكون ، لذلك أرى أن يعمل بكل كلمة في بابها الصحيح ، لأن هناك في الأبواب النحوية الأخرى ما يستعاض بها في هذا المقام دون تصور أو تخيل .
والمقصود من ذلك أن " كي " إذا استعملت في باب النواصب للفعل المضارع ، وكفى خير من توزيعها ، وجعلها مع حروف الجر ، لأنها في باب النواصب تعمل كناصب للفعل بلا قيد أو شرط ، على اعتبار أنها هي الناصبة للفعل ، لا أن المصدرية المضمرة .
ثانيا ـ لقد ذكر ابن هشام في أوضح المسالك على شرح الألفية ، بأن هناك بعض حروف الجر ما يشترك لفظها بين الحرفية والاسمية : أي أنها تجيء في مقام حرفا ، كما بينا في أحرف الجر ، وتجيء اسما ، كما سنوضح ذلك الآن بما ذكره النحاة المتقدمون من أمثلة بهذا الخصوص .
والحروف المشتركة في لفظها بين الحرفية والاسمية هي : الكاف ، عن ، على ، مذ ، منذ . وهذه أمثلة كما وردت في كتب النحو كشاهد على مجيئها أسماء .
1 ـ الكاف : نحو : محمد كالأسد .
ومنه قول الشاعر :
" ويضحكن عن كالبرد المنهمِّ "
فقد جعل بعض النحاة المتقدمين " الكاف " اسما بمعنى " مثل " ففي المثال الأول قالوا : محمد مثل الأسد . وأعربوا " الكاف " خبرا للمبتدأ محمد ، والأسد مضاف إليه .
واستدلوا على اسميتها بدخول حرف الجر " عن " عليها كما في المثال الثاني :
" يضحكن عن كالبرد " . لأنه من المتعارف عليه أن حروف الجر لا تدخل على بعضها البعض ، وإنما يكون اختصاص دخولها بالأسماء . فالكاف اسم بمعنى مثل ، لذلك دخل عليها حرف الجر عن ، والتقدير يضحكن عن مثل البرد . وأربوا " مثل " في هذه الحالة اسما مجرورا بدخول " عن "عليها ، وهي مضاف ، والبرد مجرور بالإضافة .
ويمكننا القول أن ما ذكر لا يكون إلا من باب التخيل والتصور ، فهو بعيد عن الواقع العملي الملموس الذي وضع النحو من أجله ، ولكن قبل أن نحلل ما ذكره النحاة في هذا الموضوع ، لا بد أن نذكر اختلاف النحاة أنفسهم قديما حول هذه المسألة .
فقد ذكر ابن هشام في شرح الألفية أن ورود " الكاف " اسما يختص بالشعر فقط ، وخص ذلك القول بسيبويه ، وغيره من المحققين ، وإن كان الكلام لسيبويه أو غيره فيكفي أن نقول : إن اختصاص اسمية الكاف بالشعر فقط دليل على عدم الجزم بأنها اسم ، لأنه لو كان الأمر كذلك لورد ذكر بعض الآيات القرآنية التي تشتمل على وجود الكاف كاسم لا حرف ، والقرآن شمل كل ما يتعلق باللغة من شواهد ما عدا " مذ ومنذ " لم يرد ذكرهما فيه لا كحرفين ولا اسمين .
أما ما ذكره الزمخشري حول الآية القرآنية التي تقول :
70 ـ قال الله تعالى : { إني خالق من الطين كهيئة الطير فانفخ فيه }
فقل ابن هشام والقول للزمخشري : إن دخول حرف الجر " في " على الضمير في قوله " فيه " من الآية السابقة دليل على أن " الكاف " اسم بمعنى " مثل " بدليل عودة الضمير " ها " الغيبة على الكاف في كلمة " كهيئة " .
وقد رد ابن هشام نفسه على الزمخشري بقوله : لو كانت الكاف اسما لكان من الحقائق أن نسمع ، أو سمع قولهم " مررت بكالأسد " ، بدخول حرف الجر الباء على الكاف باعتبارها اسما ، ولكن هذا غير وارد في لغة العرب ، ولم يرد له نظير في القرآن الكريم .
وخلاصة القول : إذا ما طبقنا قواعد اللغة العربية تطبيقا عمليا ، من خلال التراكيب اللغوية السليمة ، مستدلين بما ورد في القرآن الكريم من آيات ، تطبق التطبيق الصحيح ، وبلا تكلف على تلك القواعد ، فإن هذه القواعد النحوية سوف لا يدخلها التأويل ، وكثرة الوجوه الإعرابية التي نحن في غنى عنها ما دام الغرض من دراسة النحو تقويم اللسان وحفظه من اللحن .
وبما أن كلام العربية لا يخرج عن كونه اسما ، أو فعلا ، أو حرفا ، فلماذا يكون الاسم تارة اسما ، وتارة حرفا وذلك حسبما نريد ؟ ولماذا يكون الحرف تارة حرفا ، ويكون تارة أخرى اسما متى تطلب الأمر ذلك ؟
فالكاف وما جعله بعض النحاة معها من بقية الحروف كـ " عن ، وعلى ، ومذ ومنذ " هي في حقيقة الأمر أحرف جر ليس غير ، ولا داعي لأن تكون أسماء ما دام في اللغة من الأسماء ما يفي حاجة المتكلمين .
ومن الأمثلة التي أوردها النحاة على اعتبار : عن ، وعلى ، ومذ ومنذ أسماء الآتي :
8 ـ مثال " عن " قول الشاعر :
" من عن يميني مرة وأمامي "
9 ـ ومثال " على " قول الآخر :
" غدت من عليه بعد تم ضمؤها "
ومثال " مذ ومنذ " قولهم : ما رأيته مذ يومان ، أو منذ يوم الجمعة .
على اعتبار أن مذ ومنذ مبتدآن ، وما بعدهما خبر . أو على اعتبار أنهما ظرفان وما بعدهما فاعل لكان التامة . والتقدير : مذ كان يومان ، أو منذ كان يوم الجمعة .
ومثال اعتبار مذ ومنذ ظرفين دخولهما على الجملة الفعلية .
كقول الشاعر :
" ما زال مذ عقد ت يداه إزاره "
أو دخولها على الجملة الاسمية وهو قليل ،
11 ـ قول الشاعر :
" وما زلت أبغي المال مذ أنا يافع "
ويلاحظ مما سبق :
1 ـ أن الأمثلة الواردة في هذا المقام اختصت بالشعر فقط ، لأنه لم يكن هناك ما يستدل به من القرآن الكريم الذي يعتبر الدليل القاطع على صحة الشيء ، ولا سيما تلك القواعد التي يفصل لها النحاة الشواهد الشعرية على قلتها إما لضرورات شعرية ، أو لحذلقة شعرية ، أو ليطبق بها على تلك القواعد دون النظر إلى العقل والمنطق .
2 ـ كما أن مجيء حرف الجر " عن " اسما أوله النحاة بمعنى " جانب " ، وكذلك مجيء حرف الجر " على " اسما فقد أوله النحاة بمعنى " فوق " ، أو " عند " ، وذلك كما يشاء لهم ، وحسب ما تقتضيه القاعدة التي جلبوا لها ذلك الشاهد ، وما عليك أخي القارئ إلا أن تتصور ، وتتأمل ما أراده بعض النحاة .
والواقع نقول : إن ما تصنعه النحاة المتقدمون ، وأجهدوا فيه العقل يعتبر عملا يحمدون عليه لما بذلوا فيه من الجهد الذي يستفيد منه من أراد دراسة النحو والتقعر فيه . ولكن من حيث التطبيق لم ينصفوا تلك القواعد ، بل حاولوا جاهدين أن يجعلوا لها شواهد ولو من غير المألوف ، أو ما لا يستوعبه العقل ، ويتقبله المنطق السليم ، لأنه بعيد عن الواقع العملي الملموس .
ثالثا ـ وما ذكرناه عن عرفي الجر " عن " ، و " على " يقال في " مذ ومنذ " .
فقد لاحظنا أن " مذ ومنذ " هما في الأصل حرفان من أحرف الجر ، ولا جدال في ذلك ، لأن العقل يقره ، والمنطق يؤيده . فعندما نقول : ما رأيته مذ يوم الجمعة ، أو منذ يومين . فذلك أقرب إلى الفهم والصواب . فيوم اسم مجرور بـ " مذ " باعتبارها حرف جر ، وهذا هو الصحيح . أما إذا قلنا كما تصور النحاة المتقدمون ، أو بعضهم أن مذ إذا جاء بعدها مرفوع فهي اسم سواء أكان المرفوع خبرا ، أو مبتدأ ، أو فاعلا لكان التامة المحذوفة باعتبار مذ ظرفا .
ولماذا كل هذا التخيل ؟ ولماذا كل هذا البعد عن المحسوس ؟ ولماذا نحن الذين نعين فيما إذا كان الاسم الواقع بعد مذ مرفوعا ، أو مجرورا حتى نضع مسمى
" مذ " ، هل هي حرف أو اسم ؟ فإذا قلت إن الاسم الواقع بعد " مذ " ، أو " منذ " مرفوعا كانت مذ اسما ، وأعربت خبرا لكان ، أو سما لها ، أو فاعلا ، وذلك حسب ما أحدده أنا ، إذن لم يكن هناك قاعدة متفق عليها ليجري عليها التطبيق العملي ، ولكن أنا الذي أحدد ، وغيري كذلك يحدد حسب ما يتبادر إلى ذهنه ، أو تصوره .
ولو كانت قواعد اللغة تصورات واحتمالات لأصبح لكل نحوي نحو مستقل ، أو كان لكل متكلم بالعربية قواعد توافق ذوقه يضعها متى يشاء ، وحسب مقتضى الكلام الذي يتكلمه ، ويملى عليه حسب إدراكه وتصوره الخاص ، وبهذا يكون النحو لا قواعد موضوعة تبنى عليها التطبيقات ، ولكنه شواهد تنحت لها القواعد كلما اقتضى المقام ذلك .
رابعا ـ وأخيرا يمكننا الاستدلال على حرفية كل من : " عن " ، و " على " ، و " الكاف " ، و " مذ ومنذ " كغيرها من حروف الجر ، بأن تلك الأحرف وإن قبلت ـ في الشواهد المذكورة أنفا والمخصصة لها ـ دخول بعض أحرف الجر عليها إلا أنها لم تقبل علامات الاسم : كالتنوين ، والتعريف بأل ، والإضافة ، وهذا خير دليل على حرفيتها . كما أنها لا تقبل علامات الإعراب : كالرفع والنصب والجر .
فإن قالوا إن هذه الأسماء لا تأتي إلا مجرورة لقبولها أحرف الجر ، فهذا لا يكفي للدلالة على اسميتها ، لأن عدم قبولها كثيرا من علامات الاسم أولى بإخراجها من باب الأسماء بدلا من قبولها حالة واحدة من حالات الاسم وهو دخول حرف الجر عليها .
كما أن دخول حرف الجر عليها مثلما بين لنا النحاة في الأمثلة السابقة كان بتأويل تلك الأحرف بمعاني أخرى لتدخل دائرة الأسماء ، كتأويلهم " الكاف " بمعنى " مثل " ، و " عن " بمعنى " جانب " ، و " على " بمعنى " فوق " أو عند .
والذي هو أبعد عن الصواب أنهم لم يجعلوا لمذ أو منذ تعليلا لإدخالها في باب الأسماء ، سوى أنهم جعلوا التعليل مبنيا على التصور العقلي للقارئ أو السامع عندما يقرأ قولهم علة سبيل المثال : ما رأيتك مذ يومان ، أو ما رأيته منذ يوم الجمعة . فإذا تصور القارئ أن كلمة " يومان " ، أو " يوم " في المثالين السابقين مرفوعة ، كانت " مذ " أو " منذ " اسما ، فلماذا لا نتصور ، أو نقرأ كلمة " يومان " ، أو " يوم " على حقيقتها الصحيحة بالجر ، وتكون مذ ومنذ حرفين ، وهذا أقرب إلى الصواب ، والمنطق الصحيح ، إذا كانت العملية عملية تذوق ومنطق . أما إذا كان الأمر هو بناء قواعد من غير الذي يألفه الذوق السليم لتوضع لها تلك الشواهد ، فهذا أمر لا مجال لبحثنا فيه

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://benchicao.forumalgerie.net
 
حروف المعاني
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» حروف المعاني وأقسامها
» حروف المد -----
» حروف اللغة العربية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مدرسة النصر وادي العلايق. البليدة :: الفئة الأولى :: مواضيع عامـة-
انتقل الى: